والآن جاء الوقت لنبدأ حكاية الصراع الإسلامي الفارسي:
البداية كانت بعد "صلح الحديبية" مباشرة، في شهر شوال من العام السادس للهجرة (مارس ٦٢٨ م)، والبداية لم تكن عسكرية كما يظنها البعض، بل البداية كانت برسالة رقيقة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى كسرى (خُسرو الثاني) يدعوه بها للإسلام، فقام كسرى بتمزيق رسالة رسول العالمين، ومحاولة قتل حامل الرسالة الصحابي الجليل (عبد اللَّه بن حذافة) الذي نجح بالهرب من غدر كسرى، ولما علم رسول اللَّه بفعلته دعا عليه وقال "مزق اللَّه ملكه مثل ما مزّق الكتاب" وفعلًا ما هي إلا أيام حتى قتله ابنه (شيركويه)، وماهي إلا سنوات حتى مزق اللَّه إمبراطوريته على يد أسود القادسية.
الغريب أنني وجدت شيئًا مثيرًا للعجب عبر قراءتي لتفاصيل الصراع الإسلامي الفارسي، ألا وهو أن الفرس كانوا دائمًا هم الذين يتحرشون بالمسلمين عبر جميع مراحل التاريخ، والمضحك أيضًا أنهم كانوا دائمًا ينهزمون من المسلمين في كل حِقب التاريخ! فلقد تحرش كسرى برسول اللَّه شخصيًا حين أرسل إليه عامله في اليمن لكي يعتقله ويربطه بالسلاسل! وتحرش الفرس بعد ذلك بالمسلمين في عهد الفاروق لدرجة جعلت الفاروق يقول:"ليت بيننا وبين فارس جبل من نار، لا يأتون إلينا ولا نأتي إليهم! " فالمسلمون لم يطلبوا الاحتكاك بالفرس أبدًا، بل على العكس، هم الذين جهزوا جيش الإمبراطورية الفارسية للتوجه للمدينة لإنهاء الإسلام بالكلية، ما اضطر المسلمين لمحاربتهم في القادسية وسحقهم، والشيء الغريب أن الفرس لم يتعلموا من هزائمهم شيئًا على ما يبدو، فمنذ أن رجع (الخميني) إلى إيران عام ١٩٧٩ (على ظهر طائرة عسكرية فرنسية!) والفرس لا يفتأون يتحرشون بالمسلمين ومشاعرهم، فتارة يلعنون أصحاب نبينا، وتارة أخرى يسبون نساء نبينا، وتارة يثيرون الفتن، وتارة يحتلون جزر الإمارات العربية، وتارة يغدرون بالعراق، فيا أهل فارس كُفّوا عنا شركم، وتعلموا من التاريخ! فلقد بلغ السيل الزبى، ولكم في القادسية عبرة يا آل فارس، ولكم في أسود القادسية اثنان وثلاثون ألف عبرة!