مضمحلٌّ، وأن أمر الغَلَبَة والملك لا يقوم على مثل ما أنتم عليه" فسمع المغيرة الحاشية من خلفه وهي تقول بالفارسية: واللَّهِ صَدَقَ العربي! ثم قال المغيرة لرستم: "فنحن ندعوكم إلى واحدة من ثلاث: إما الإسلام، وإما الجزية عن يدٍ وأنت صاغر، وإن أبيت فالسيف" فقال له رستم: وكيف يدفع المرء الجزية وهو صاغر؟ فقال له: "أن يقوم أحدكم على رأس أميرنا فيطلب منه أن يأخذ الجزية، فيحمده إن قبلها، فكن يا رستم عبدًا لنا تعطينا الجزية؛ نكف عنك ونمنعك! وعندما سمع رستم من المغيرة "كن عبدًا لنا" لم يتحمل رستم أكثر من هذه الإهانات اليومية المتكررة من فرسان العرب، فاستشاط غضبًا، واحمرَّت عيناه وقال له: واللَّهِ ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا الكلام من عربي! ثم حلف بالشمس أن لا يرتفع الصباح حتى يدفنهم في القادسية، ثم قال له: ارجع إلى قومك، لا شيء لكم عندي، وغدًا أدفنكم في القادسية. فرجع المغيرة وأثناء مروره على القنطرة أرسل رستم رجلًا يناديه، فنظر إليه، فقال له: مُنَجِّمُنا يقول: إنك تُفقَأ عينُك غدًا. (وذلك ليخوفه)، فتبسَّم تلميذ محمد بن عبد اللَّه الصحابي البطل المغيرة بن شعبة الثقفي وقال للفارسي القذر:
"واللَّهِ لولا أني أحتاج الأخرى لقتال أشباهكم، لتمنيت أن تذهب الأخرى في سبيل اللَّه"!
والآن وبعد أن أخذنا خلفية بسيطة عن النفسية العربية التي دمرت الإمبراطورية الفارسية، جاء الوقت لكي نأخذ صورة عن الخلفية العسكرية لأولئك الأبطال. فبعد هذه المفاوضات التي أذل بها أسود العرب قادة الفرس، جاء الوقت لبدء العملية العسكرية الحاسمة التي سيخلدها التاريخ لكونها جعلت من شيءٍ اسمه الإمبراطورية الفارسية مجرد ذكريات في كتب التاريخ المنسية! فلقد بدأت هذه المعركة الفاصلة بسلاحٍ من أسلحة الدمار الشامل الإسلامي، والذي لا تنتجه إلا المصانع العسكرية المحمدية، هذا السلاح استخدمه أيضًا بعد ذلك الجيش المصري البطل في معركة العاشر من رمضان عام ١٩٧٣ م، وفي نفس وقت الظهيرة الذي حارب به أبطال القادسية أيضًا، وإن كان العدو وقتها آل فارس، والذين لا يختلفون كثيرًا عن آل صهيون، هذا السلاح استخدمه قائد أركان الجيش المصري السابق (سعد الدين الشاذلي) في حرب رمضان هو نفسه السلاح الذي استخدمه (سعد بن أبي وقاص)، هذا السلاح الذي