أما عن سر اختياري لهذا الشاعر العظيم بالتحديد ليكون ضمن قائمة المائة رغم أنه لم يلحق بزمان البعثة المحمدية فيعود إلى سببين:
(أولًا) أنه فعلًا مسلم على الدين الحنيفي الإبراهيمي، وأن شعره المليئ بمعاني التوحيد وجماليات المنطق يعطيه الأحقية بذلك، إضافة لأنه كلامٍ عظيمٌ في التوحيد الذي كان على وشك الاندثار.
(ثانيًا) أنه في ذكر زهيرٍ فائدةٌ كبيرة في رد شبهات النصارى والمستشرقين، فلقد ارتفعت في السنوات الأخيرة أصوات الصليبيين وإخوانهم من المنافقين يزعمون أن رسول اللَّه قام بسرقة القرآن من الشعراء من قبله، مدللين على ذلك بأن كثيرًا من معاني القرآن ومفرداته قد وردت بالفعل في شعر الجاهلية!
والحقيقة أن في أقوال أولئك الكذابين حق يُراد به باطل، فأما قولهم بأن بعض معاني القرآن وألفاظه قد تكررت من قبل. . . فهذا صحيح! وأما قولهم أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قد سرق قرآنه من الشعراء فهو إفكٌ واضح وشرٌ فاضح! والحقيقة أن أولئك السفلة ما كانوا ليجترأوا على ذلك القول لولا تشويه بعض الدعاة المسلمين -بقصدٍ أو بغير - قصد- لتاريخ لعرب في أيام جاهليتهم، فالعرب عرفت الإسلام وعرفت التوحيد قبل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فالإسلام كدين وكمفهوم ليس اختراعًا جديدًا أتى به محمد بن عبد اللَّه، بل هو دين اللَّه على الأرض الذي دان به الأنبياء جميعهم للَّه، فليس غريبًا أن تتطابق بعض آيات القرآن بما كان يقوله أدباء العرب من المسلمين الحنيفيين من أمثال (زهير ابن أبي سلمى) و (قس بن ساعدة الأيادي). أما للنصارى الذين يزعمون أن النبي العربي جاء بقرآنٍ تتطابق بعض آياته مع بعض ما ورد لديهم في "الكتاب المقدس" فأقول: هذا شيءٌ لا نستحي منه، فربنا هو ربكم، وكلامه في كتابكم هو نفسه كلامه في كتابنا، ولكن المشكلة في كتابكم أنكم أضفتم إليه وحذفتم منه، أما نحن فلم نبدل ولم نغير، فإن وجدتم في كتباكم ما يتطابق بما في كتابنا، فاعلموا أن ذلك هو ما تبقى من وحي موسى وعيسى! ولا تنسوا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكن يعرف الكتابة والقراءة لكي يسرق من كتابكم الذي لم ينقل أصلًا للعربية إلا في بداية القرن الحادي عشر! (الشيء العجيب الذي يدعو للتساؤل هو أن الشيعة بدأوا ينشرون مؤخرًا أن رسول اللَّه لم يكن أميًا!