سماوات من قبل اللطيف الخبير ليكوِّنوا هذا الرباعي العجيب، فكل شيءٍ فيهم مختارٌ بصورة تدعو للتعجب فعلًا! حتى في أسمائهم المتشابهة، وحتى في أسماء آبائهم العملاقة، فهذا ابن عمر بن الخطاب ثاني أعظم إنسانٍ في التاريخ بعد الأنبياء، وهذا هو ابن العباس بن عبد المطلب عمِّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورفيقهما الثالث هو ابن حواري رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ابن البطل الأسطوري الزبير بن العوام، أما رابعهم فأكرم به وبأبيه، فهو ابن رمز الإيمان والبطولة، رمز الشرف والكرامة، أشهر فاتحٍ في تاريخ الإسلام القائد الكبير عمرو بن العاص عليه وعلى بقية أصحاب نبينا رضوان اللَّه ومرضاته.
الحقيقة أن سرَّ اختياري لهذه الأسماء الأربعة لتكون ضمن خانةٍ واحدة في كتاب العظماء المائة، لا يعني أبدًا انقاصًا لمكانتهم، فواللَّه إن حروف هذا الكتاب مجتمعة لا تكفي لحصر عظمة واحدٍ منهم فقط، ولكنني آثرت أن لا أفرق أسماءهم بعد مماتهم، وهي الأسماء التي مجتمعة على ذكر اللَّه في حياتهم. ثم إن سِيَرَ هؤلاء الأربعة فيها من العناصر التاريخية والخصائص الفكرية ما يجعل منهم كيانًا متينًا واحدًا، فهؤلاء الأربعة هم من أعظم فقهاء الإسلام على الإطلاق، بل إنني لا أشطط حين أقول: أن الإسلام الذي بين أيدينا الآن ما هو إلى ثمرة من ثمار أولئك العلماء الأربعة بالتحديد، والذين سخرهم اللَّه للإنسانية لكي يحفظوا لنا سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والتي بدونها لا يقوم الإسلام أبدًا، حتى بوجود القرآن نفسه، فالذي يعتقد أن القرآن هو المشرِّع الوحيد لهذا الدين فهو إمّا مجنون لا يفقه شيئًا في الدين، وإمّا مجرمٌ قذر يريد تدمير هذا الدين! وقد حذَّرنا من قبل في هذا الكتاب من ظهور مجموعات من شذّاذ الآفاق مؤخرًا ممن يطلقون على أنفسهم أسماءً برَّاقة مثل "القرآنيين" و"الإصلاحيين" و"المفكرين الإسلاميين"، وغير ذلك من الأسماء التي توهم بصلاح أصحابها، هذه المجموعة الشريرة والتي تأخذ تمويلها من جهات أجنبية معروفة، تبث سمومها على عامة المسلمين من خلال أوكارٍ لبث السموم يقال لها تمويهًا:"مراكز البحوث الإسلامية"، هؤلاء السفلة ليس لهم شاغلٌ في الحياة إلا الطعن في سنة رسول اللَّه عليه الصلاة والسلام، بل إنهم وسَّعوا من دائرة نشاطاتهم مؤخرًا ليطعنوا في صحابة الرسول، وزوجاته، بل في الرسول نفسه في بعض الأحيان! مدَّعين أن السنة التي بين أيدينا ما هي إلا روايات كُتبت بعد مئات