السنين من وفاة الرسول، فاعتدّوا بذلك أن السنة التي بين أيدينا الآن باطلة، وأن هذا الدين الذي بين أيدينا ليسس دينًا صحيحًا، لذلك وجب على شباب الأمة أن يدافعوا عن سنة رسولهم، ليس من خلال العنف الذي لا يزيد هؤلاء الخونة إلا صيتًا وشهرة، بل من خلال العلم والحقائق التاريخية الموثقة التي تسحب البساط من تحت أرجل أولئك المنافقين، فينكشف بذلك الستار عنهم، لتظهر للناس سوءاتهم، فيرى بذلك مريدوهم عمالتهم الواضحة وخيانتهم للأمة، ليُتركوا بعدها معزولين منبوذين، ليسقط الواحد فيهم في نهاية الأمر كما تسقط الثمرة العفنة!
والعبادلة الأربعة لم يكونوا وحدَهم من يحملون اسم "عبد اللَّه" من بين ما يزيد عن ١٠٠٠٠٠ من الصحابة الكرام رضوان اللَّه عليهم أجمعين، فقد ذكر (الإمام النووي) رحمه اللَّه أنه يعلم أن يوجد في الصحابة -رضي اللَّه عنهم- مائتين وعشرين رجلا يُسمّى بـ "عبد اللَّه"، لكنه اشتهر إطلاق اسم العبادلة على أربعة منهم فقط وهم:(عبد اللَّه بن عمر، وعبد اللَّه بن عباس، وعبد اللَّه بن الزبير، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص)، فهكذا ذكرهم أهل الحديث وغيرهم من العلماء. وقد علّل العلامة الفارسي العظيم الحافظ (أبو بكر أحمد بن الحسن البيهقي) إفراد العلماء لقب العبادلة على هؤلاء الأربعة فقط بقوله: "هؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم، فإذا اتفقوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة، أو فعلهم، أو مذهبهم".
ولأن الحديث عن العبادلة الأربعة طويل طويل، ولأن عظمتهم ناطحت سحب السماء سموًا وسؤددًا، فقد قررت أن أنجو بقلمي الضئيل من الغوص في سِير أولئك العمالقة العظام، فلو أردنا أن نستعرض فقط تلك الخدمات الجليلة التي قدمها الصحابي الورع (عبد اللَّه ابن عمرو بن العاص) للإسلام والمسلمين، لما كفانا كتابة عشر مجلدات ضخمة، من دون أي مبالغة في ذلك، لذلك سأذكر فقط رؤوس أقلام عن كلِّ واحدٍ منهم، تاركًا مجال البحث في سيرهم للقارئ الكريم من أمهات كتب التاريخ الإسلامية:
عبد اللَّه بن عمرو بن العاص: المؤسس الرائد لعلم الحديث، وأول إنسانٍ على وجه الكرة الأرضية يكتب حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال عنه أبو هريرة: "ليس أحد من أصحاب