طارت أخبار المناظرة الكبرى إليهم، ليطلبه الخليفة العثماني (عبد العزيز خان) رحمه اللَّه شخصيًا لمقابلته في "إسطانبول" وذلك بعد أن وصلت أخبار المناظرة الكبرى إلى الباب العالي في عاصمة الخلافة، ليقابل رحمت اللَّه الأموي خليفة المسلمين هناك، ويقص عليه قصة المناظرة الكبرى، ليفرح به الخليفة ويطلب منه أن يدون أحداث تلك المناظرة الكبرى في كتاب بتمويل من الخليفة نفسه حتى يستفيد منه المسلمون في سائر أرجاء الخلافة الإسلامية، وفي كل الأزمنة، ليدون الشيخ محمد رحمت اللَّه الكيرانوي العثماني الأموي الهندي ثم المكي هذه الأحداث في كتابٍ أسماه "إظهار الحق"، ليشاء اللَّه لبطلنا أحمد ديدات أن يجد نسخة نادرة منه بعد ذلك بمائة عام، ليكون هذا الكتاب العظيم أحد أسباب فتح آفاق الشيخ ديدات للرد على شبهات النصارى، وبداية لمنهج حواري علمي مع أهل الكتاب، وتأصيل ذلك تأصيلًا شرعيًا يوافق المنهج القرآني في دعوة أهل الكتاب بالتي هي أحسن إلى الحوار وطلب البرهان والحجة من كتبهم المحرفة، ليتحول ديدات من خلاله إلى المناظر الأول للنصارى في تاريخ أمة محمد عبر جميع مراحل التاريخ الإسلامي!
وقد يعجب البعض حين يعلم أن النصارى أنفسهم هم الذين صنعوا هذا العملاق الإسلامي! فقد كان الشيخ أحمد ديدات مجرد صبي فقير لا يعرف في الإسلام غير "الشهادة" على حد قوله، ففي أربعينات القرن الماضي كان المنصرون في مدينة "ديربن" في جنوب أفريقيا يمرون عليه في دكان الملح الذي كان يعمل به ليوجّهوا له أسألة استفزازية من قبيل: "يا هذا. . . هل تعلم أن نبيك محمد سرق قرآنه من التوراة والإنجيل؟ يا هذا. . . هل تعلم أن نبيك محمد كانت له نساء كثيرات؟ هل تعلم أن نبيك نشر دينه بحد السيف؟ " والحقيقة أن أحمد ديدات لم يكن يعرف ماذا يريد أولئك المنصرون بالضبط، فهو بالكاد يعرف أن اسم نبيه هو محمد، فضلًا من أن يعرف عدد زوجاته! ولكن ذلك الصبي الفقير لم يكن يحتاج إلى كثيرٍ من الذكاء ليستنتج أن هناك نبرة استهزاء وعنصرية في كلام أولئك المنصرين، ففهم أن سبب عجزه عن الإجابة ينبع من جهله، فقام بتنفيذ أول أمرٍ إلهي للمسلمين "اقرأ"!، فقد أدرك هذه الصبي الجنوب أفريقي الذي هاجر مع أبيه إلى الهند بعد أن ماتت أمه أنه بالقراءة فقط يمكن له أن يصبح