والثلاثين (وليت شعري أي شرفٍ تركتم لمن بعدكم يا بني أمية!). فبعد أن احتلت بريطانيا الهند، أيقن الإنجليز أنهم إذا تعرضوا لأية مشاكل في المستقبل فلن تأتي إلا من قبل المسلمين الهنود، لأن المسلمين هم وحدهم الذين لا يسكتون على ضيم، بعكس الهندوس، فإنهم مستسلمون ولا خوف منهم. وعلى هذا الأساس خطط الإنجليز لتنصير المسلمين للبقاء في الهند لألف عام، وبدؤوا فعلًا في استقدام موجات المنصرين إلى الهند، هدفهم الأول في ذلك هو تنصير المسلمين الهنود بالتحديد، مستعينين بذلك بقسيسٍ فصيح اللسان اسمه (الأب فندر)، فكان هذا القس يتحرش بالمسلمين في الغداة والعشي يريد تنصير المسلمين بأي شكلٍ من الأشكال، فأخذ يكيل الاتهامات وينشر الشبهات في صفوف المسلمين، والمسلمون عاجزون عن الرد إما خوفًا من بطش الجنود الإنجليز أو جهلًا باللغة الإنجليزية، حتى ظهر هذا الصقر الأموي من على قمم الهملايا، فطلب مناظرة القس فندر علانية أمام الملأ، فتجمع عشرات الآلاف من الهنود المسلمين والهندوس في الساحة الرئيسية للعاصمة الهندية دهلي (دلهي) في أكبر مناظرة دينية عرفتها الهند، فظن القس النصراني أن الفرصة صارت مواتية له لتنصير عشرات الآلاف من المسلمين دفعة واحدة، فبدأ فندر المناظرة بكيل سيل من الاتهامات في شرف النبي وسمعته، ولما انتهى من كلامه تقدم الشيخ رحمت اللَّه العثماني الأموي أمام الملأ ليفند تلك الاتهامات واحدة بعد الأخرى، حتى إذا ما انتهى من تفنيدها بدأ مرحلة الهجوم الكاسح على القس، ليقرأ له من كتابه المقدس ما يثبت نبوة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وبطلان ألوهية عيسى، لتعلوا صيحات اللَّه أكبر من عشرات الآلاف من الجمهور، والشيخ رحمت اللَّه يقرأ أسفار الكتاب المقدس سفرًا سفرًا لمدة ساعات من دون أن يتلعثم ولو في كلمة واحدة، حتى إذا ما فرغ من كلامه، تقدم مئات الهندوس من المستمعين ليعلنوا إسلامهم أمام القس الذي ولّى القهقرة، لينتصر رحمت اللَّه الأموي في مناظرته الشهيرة، وتنتشر أخبار هذه المناظرة في أرجاء الهند من دكا إلى كراتشي تحت اسم "المناظرة الكبرى"، قبل أن يُجبر الشيخ البطل رحمت اللَّه الأموي إلى الهروب متخفيًا إلى مكة بعد أن صار المطلوب رقم واحد للإمبراطورية البريطانية، فرصد الإنجليز ألف روبية لاعتقاله (مبلغ ضخم وقتها)، وهناك في مكة استقبله المسلمون أيّما استقبال بعد أن