استقلالهم إذا ما سلكوا نفس المنهاج الذي سلكه إخوتهم الجزائريون، فسنة اللَّه ثابتة في خلقه، ولن تجد لسنة اللَّه تبديلًا.
وبطلنا العظيم هذا لم يكن مقاتلًا يحمل السلاح، لكنه كان مجاهدًا أحيى اللَّه به الشعب الجزائري بأكمله، فكان الإمام عبد الحميد بن باديس أمةً وحده! والإمام عبد الحميد بن باديس هو سليل عائلة مجاهدة في أرض الجزائر، فجده الأكبر هو البطل الإسلامي الكبير (المعز بن باديس)، وهو المجاهد الإسلامي الفذ الذي طهَّر الجزائر من شرِّ الشيعة الروافض من العبيديين "الفاطميين". أمّا الإمام عبد الحميد بن باديس فقد ظهر في زمن يدعو لليأس والكآبة، زمنٌ انطفأت فيه شظوة المقاومة ودبَّ فيه اليأس في قلوب الناس، ولكن هذا الزمن هو أيضًا زمن ظهور الرجال الحقيقيين وبريق المعادن الأصيلة. والقصة تبدأ من التنشئة الصالحة عندما يرزق اللَّه الإنسان أبوين صالحين يعلمانه كتاب اللَّه وسنة نبيه وحب الوطن والجهاد في سبيل اللَّه، لينشأ ابن باديس حافظًا للقرآن ذاكرًا لسنة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- فابعتثه أبوه إلى جامعة "الزيتونة" لينهل من علمائها العلم، ومن هناك توجه إلى الحجاز لأداء فريضة الحج، وفي المدينة المنورة قابل رجلًا هنديًا أصبح له فضلٌ على كل جزائري إلى يوم الدين، قابل الشيخ (حسين الهندي) جزاه اللَّه كل خير، فنصحه الشيخ الهندي بالعودة إلى الجزائر والتركيز على إعادة الناس فيها إلى دين اللَّه أولًا قبل التفكير في أي شيء آخر، وللَّه در هذه الأمة التي يتباحث فيها الهندي والجزائري في نصرة الإسلام! وفعلًا أخذ الإمام بنصيحة الشيخ حسين الهندي وذهب إلى الجزائر يعلم فيها الناس العربية والإسلام، فأنشأ الصحف والمدارس لتوعية النشء الصاعد، وهنا يأتي دور العظماء في بناء الأمم، فالبناء يجب أن يكون صحيحًا منذ البداية لكي يضمن الاستمرارية والبقاء، لا أن يأتي فجأة فيختفي فجأة كما هو الحال في كثير من الحركات الإسلامية في هذا الزمان، فالإمام عبد الحميد زرع النبتة وسقاها وصبر عليها حتى أثمرت. ففي عام ١٩٣١ م أسس الشيخ ابن باديس "جمعية العلماء المسلمين"، فاختاره علماء الجزائر رئيسًا لها، فحارب البدع التي كانت منتشرة في الجزائر تحت رعاية الفرنسيين، وقام بمحاربة الفرق الصوفية الضالة التي كانت غارقة في الرقص والغناء في الموالد والاستغاثة بالأموات من دون اللَّه، وقام بنشر الدين الإسلامي