وأمَّا مَنْ قال من أهل العلم: إن قوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} الآية، يشمل الحَرَمَ كلَّه ولا يختص بالمسجد الحرام المنصوص عليه في الآية، فحجتُهُ هي ما علم من إطلاق المسجد الحرام وإرادة الحرم كله كقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية، ومعلومٌ أن المعاهدة كانت في غير المسجد الحرام بل كانت في طرف الحديبية الذي هو داخلٌ في الحرم كما قاله غير واحد.
وقوله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية [الإسراء: ١] , وكان الإسراء به من بيت أم هانئ لا من نفس المسجد الحرام على القول بذلك.
وقوله تعالى:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} الآية [المائدة: ٩٥] , والهَدْي يُنْحَر في الحرم كله، وأكبر مَنْحرٍ منه "مِنى".
وقوله تعالى:{وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ} الآية [البقرة: ٢١٧] , وهم مُخرَجون من مكة لا من نفس المسجد، ونحو ذلك من الآيات، والعلم عند الله تعالى.
فتحصَّل: أنَّ محلَّ العقل القلب، وأنَّه لا مانع من اتصالِ طرف نوره الروحاني بالدَّماغ؛ وعليه لا تخالف بين القولين وهذا إنْ قام