للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الظن المعروف، وأنَّ المتعلق محذوف، والمعنى: هم الذين يظنون أنَّهم ملاقو ربهم بذنوب فهم وجلون من تلك الذنوب.

فهذا غيرُ ظاهر ولا يجوز حملُ القرآن عليه -وإنْ قال به بعض العلماء- والتحقيق أنَّ معنى يظنون: يوقنون، وقد تقرَّر في علم العربية أن الظن يطلق في العربية وفي القرآن إطلاقين:

يطلق الظن بمعنى اليقين، ومنه قوله هنا: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}؛ أي: يوقنون، ومنه بهذا المعنى: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ} [الحاقة: ٢٠]؛ أي: أيقنت أني ملاق حسابيهْ، ومنه قوله تعالى: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا} [الكهف: ٥٣]؛ أي: أيقنوا أنهم ملاقوها إلى غير ذلك من الآيات.

ومن أمثلة إطلاق العرب الظن على اليقين قول دُريد ابن الصمة:

فقلتُ لهمْ ظنُّوا بألفيْ مُدَجَّجٍ ... سَراتُهُمُ في الفارسيِّ المسرَّدِ

فقوله ظنوا: أي أيقنوا.

وقول عميرة بن طارق:

بأنْ تغتزوا قومي وأقعد فيكمُ ... وأجعل مني الظَّنَّ غيبًا مُرَجَّما

أي: أجعل مني اليقين غيبًا مُرجَّمًا.

<<  <   >  >>