للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمعنى يظنون؛ أي: يوقنون أنَّهم ملاقوا ربهم، وملاقو أصله: ملاقيون مفاعلون منقوص، والمنقوص تحذف ياؤه عند التصحيح، وحذفت نون ملاقون المضافة، أي ملاقوا ربهم.

والمراد بهذه الملاقاة؛ أي: يعرضون على ربهم يوم القيامة فيجازيهم على أعمالهم، كما قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:١٨] , وقال جلَّ وعلا: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} [العنكبوت: ٥].

وقوله: {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ٤٦]؛ أي: يوقنون أنَّهم أَيضًا إليه راجعون جل وعلا يوم القيامة فمجازيهم على أعمالهم، وقدَّم المعمول الذي هو الجار والمجرور في قوله: {إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} لأمرين؛ أحدهما: المحافظة على رؤوس الآي.

والثَّاني: الحصر، والمقرَّر في علم الأصول في مبحث دليل الخَطَّاب -وهو مفهوم المخالفة- أن تقديم المعمول يدل على الحصر، وكذلك تقرر في فن المعاني في مبحث القصر أنَّ تقديم المعمول من أدوات الحصر، وهذا معنى قوله: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: ٤٦].

{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}

<<  <   >  >>