قال: وأما آخر ما قلته من الشِّعر فهو الأبيات الجيميَّة.
والتي منها البيت آنف الذكر وهي هذه:
أُنْقِذْتُ مِن داءِ الهَوَى بِعلاجِ ... شَيبٍ يَزينُ مَفارِقي كالتَّاجِ
قد صَدَّ بي حِلْمُ الأكابرِ عن لَمى ... شَفَةِ الفَتاةِ الطَّفلةِ المغناجِ
ماءُ الشَّبيبةِ زارعٌ في صَدْرِها ... رُمَّانَتَي رَوْضٍ كَحُقِّ العاجِ
وكأنَّها قَدْ أُدرِجَتْ في بُرقُعٍ ... يا ويلتاهُ بها شعاعُ سِراجِ
وكأنَّما شَمْسُ الأصيلِ مُذابَةٌ ... تَنسابُ فوقَ جَبينِها الوَهَّاجِ
يُحشى لموضِعِ جَنْبِها في خِدْرِها ... فوقَ الحشِيَّةِ ناعِمُ الدِّيباجِ
لم يُبْكِ عَيني بَينُ حَيٍّ جيرَةِ ... شَدُّوا المطيَّ بِأَنْسُعِ الأحداجِ
نادَتْ حُداةُ الرَّكبِ حينَ تَرَحَّلوا ... فتَزَيَّلوا واللَّيلُ ألْيلُ داجِ
لا تطَّبيني عاتِقٌ في دَنِّها ... رَقَّتْ فراقَتْ في رِقاقِ زُجاجِ
مخضوبةٌ منْها بَنَان مديرِها ... إذْ لم تكنْ مقتولةً بمِزاجِ
طابَتْ نُفوسُ الشَّرْبِ حينَ أدارَها ... رَشَأ رَنَا بلِحاظ طَرْفٍ سَاجِ
أو ذات عُودِ أنطقَتْ أَوْتارَها ... بلُحونِ قَوْلِ للقُلوبِ شَواجِ
فَتَخالُ رنَّاتِ المثاني أحرُفًا ... قد رُدِّدَتْ في الحَلْقِ من مُهتاجِ
وكأنَّها قد لُقِّنَتْ رنَّاتِها ... متحيِّزاتِ حَرِيمِها الهَيَّاجِ
نعم، هذا آخر ما قاله الشَّيخ من الشِّعر.