اعلم أن الخبر معناه النهي، فقوله:«لا تشد الرحال»، معناه: لا تشدوا الرحال، وهذا نهي يفيد حرمة شد الرحل لغير المساجد الثلاثة، وقال بعضهم: ليس بنهي وإنما معناه أنه لا يشرع وليس بواجب ولا مستحب، بل مباح كالسفر في التجارة وغيرها. ورده شيخ الإسلام بقوله؛ تلك الأسفار لا يقصد بها العبادة، بل يقصد بها مصلحة دنيوية مباحة والسفر إلى القبور إنما يقصد به العبادة، والعبادة إنما تكون بواجب أو مستحب، فإذا أحصل الاتفاق على أن السفر إلى القبور ليس بواجب ولا مستحب، كان فعله على وجه التعبد مبتدعًا مخالفًا للإجماع، والتعبد بالبدعة ليس بمباح لكن من لم يعلم أن ذلك بدعة فإنه قد يعذر فإذا تبين له السنة لم يجز له مخالفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا التعبد بما نهى عنه.
قلت: فعلم أن الحديث أراد الأسفار المنشئة للتعبد لا الأسفار المباحة للمصالح الدنيوية وبهذا يرتفع الإشكال الذي عرض لمن سوغ سفر الزيارة. والله المستعان.
ثالثًا: أقوال أهل العلم في مسالة شد الرحال للقبر النبوي:
اعلم أن الأقوال في شد الرحل وأعمال المطي إلى مجرد زيارة القبر، إنما هي قولان:
أحدهما: القول بالإباحة كما يقول بعض أصحاب الشافعي وأحمد.