يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - آلات حسابية يعرف بها الوقت، ولا موقت يعرف ذلك بالآلات الحسابية والمغرب إنما يعرف آخر وقتها بمغيب الشفق فيحتاج أن ينظر إلى جهة الغرب هل غرب الشفق الأحمر أو الأبيض والمصلي في الصلاة منهي عن مثل ذلك، وإذا كان يصلي في بيت أو فسطاط أو نحو ذلك مما يستره عن الغرب ويتعذر عليه في الصلاة النظر إلى المغرب، فلا يمكنه في هذه الحال أن يتحرى السلام في آخر وقت المغرب، بل لابد أن يسلم قبل خروج الوقت بزمن يعلم معه أنه سلم قبل خروج الوقت، ثم الثانية لا يمكنه على قولهم أن يشرع فيها حتى يعلم دخول الوقت، وذلك يحتاج إلى عمل وكلفة مما لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يراعيه بل ولا أصحابه، فهؤلاء لا يمكن الجمع عندهم على قولهم في غالب الأوقات لغالب
الناس إلا مع تفريق الفعل وأولئك لا يكون الجمع عندهم إلا مع اقتران الفعل وهؤلاء فهموا من الجمع اقتران الفعلين في وقت واحد أو وقتين وأولئك قالوا لا يكون الجمع إلا في وقتين، وذلك يحتاج إلى تفريق الفعل، وكلا القولين ضعيف.
والسنة جاءت بأوسع من هذا وهذا ولم تكلف الناس لا هذا ولا هذا، والجمع جائز في الوقت المشترك فتارة يجمع في أول الوقت كما جمع بعرفة، وتارة يجمع في وقت الثانية كما جمع في مزدلفة، وفي بعض أسفاره، وتارة يجمع فيما بينهما في وسط الوقتين، وقد تقعان معًا في آخر وقت الأولى وقد يقعان معًا في أول وقت الثانية وقد تقع هذه في هذا وهذه في هذا، كل هذا جائز؛ لأن أصل المسألة أن الوقت عند الحاجة مشترك والتقديم والتوسط بحسب الحاجة والمصلحة، ففي عرفة ونحوها يكون جمع التقديم هو السنة، وكذلك جمع المطر السنة أن يجمع للمطر في وقت المغرب حتى اختلف مذهب أحمد،