قاعدًا صلى على جنب يومئ على قدر طاقته، وسقط عنه فرض القعود، فإذا أغمي عليه فلم يقدر على الصلاة بحال فلا شيء عليه؛ لأنه لما قالوا: يسقط عن المريض كل عمل لا سبيل له إليه، فكذلك لا سبيل للمغمى عليه إلى الصلاة في حال إغمائه، وإذا لم يكن عليه في تلك الحال صلاة لم يجز أن يوجب عليه ما لم يكن عليه، وإلزام القضاء إلزام فرض، والفرض لا يجب باختلاف، ولا حجة مع من فرض عليه قضاء ما لم يكن عليه حال الإغماء، وليس كالنائم الذي يوجد السبيل إلى انتباهه، وهو سليم الجوارح، لأن المغمى عليه واهي الجوارح من تعبها لا سبيل لأهله إلى تنبيهه، فإن أفاق المغمى عليه وقد بقي مقدار ما يصلي ركعة قبل غروب الشمس فعليه العصر، وإن أفاق قبل طلوع الفجر بركعة صلى العشاء، وإن أفاق قبل طلوع الشمس بركعة صلى الصبح، وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر» بيان لمن وفق لفهمه أنه غير مدرك لغيرها، إذ لو كان مدركًا لغيرها لكان بيان ذلك في الحديث. اهـ.
وقال السرخسي في «المبسوط»(١/ ٢١٧): (والفقه أن الإغماء إذا طال يجعل كالطويل عادة وهو الجنون، وإذا قصر يجعل كالقصير عادة وهو النوم، فيحتاج إلى الحد الفاصل بين القصير والطويل، فإن كان يومًا وليلة أو أقل فهو قصير؛ لأن الصلاة لم تدخل في حدِّ التكرار، وإن كان أكثر من يوم وليلة يكون طويلًا؛ لأن الصلاة دخلت في حدِّ التكرار» اهـ.
وقال صالح بن أحمد في «مسائله» (٢/ ٢٠١): لأبيه - رحمه الله -.
قلت: المغمى عليه كم يعيد؟ قال: يعيد الصلاة كلها. قلت: فإن ابن عمر أُغمي عليه أكثر من ليلة فلم يعد الصلاة؟ قال: روي عن عمار أنه أغمي عليه ثلاثًا فقضى، وروي عن عمران بن حصين