عَنْ مَسْحِ مَا وَازَنَهُ مِنَ الرَّأْسِ؛ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قَالَ: " «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.
وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: " «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَإِنْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَسَحَ بَعْضَ رَأْسِهِ وَتَمَّمَ الْمَسْحَ عَلَى نَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ، فَنَقُولُ: الْمُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ، وَالْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ اسْتِحْبَابٌ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «لَا يَمْسَحُ عَلَى الْعِمَامَةِ إِلَّا أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ مَعَ الْعِمَامَةِ» ".
قُلْنَا: لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْفَرْضُ إِنَّمَا سَقَطَ بِمَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ اسْتِيعَابَ الرَّأْسِ بِالْمَسْحِ وَاجِبٌ.
الثَّانِي: مَا رَوَى ثَوْبَانُ قَالَ: " «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ شَكَوْا مَا أَصَابَهُمْ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ وَالتَّسَاخِينِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَالْعَصَائِبُ: الْعَمَائِمُ، وَالتَّسَاخِينُ: الْخِفَافُ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُ الرَّأْسِ هُوَ الْمَمْسُوحَ، وَالْفَرْضُ قَدْ سَقَطَ لَمْ يَكُنْ إِلَى الْأَمْرِ بِالْعَصَائِبِ حَاجَةٌ لِقَوْمٍ شَكَوُا الْبَرْدَ وَخَافُوا الْبَرْدَ أَنْ يَلْحَقَ رُءُوسَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute