للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثَّالِثُ: أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِمَسْحِ الْعَصَائِبِ مُطْلَقًا، كَمَا أَمَرَهُمْ بِالْخِفَافِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ مَعَ ذَلِكَ بِمَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ، وَتَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ لَا سِيَّمَا وَقَدْ قَرَنَهُ بِمَسْحِ الْخُفِّ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ نَقَلُوا أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ فَهِمُوا مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ مَا فَهِمُوا مِنَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنَّ لِبَاسَ الْعُضْوِ ثَابِتٌ عَنْهُ.

الرَّابِعُ: أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّالَنْجِيُّ: رُوِيَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ عَنْ ثَمَانِيَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ.

وَرَوَى الْخَلَّالُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ: " مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ " وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ وَجُودُهُ كَعَدَمِهِ فِي حُصُولِ الْإِجْزَاءِ بِهِ، وَأَنَّ الْفَرْضَ إِنَّمَا هُوَ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ لَمْ يَكُنْ فِي حِكَايَةِ هَذَا عَنِ الصَّحَابَةِ فَائِدَةٌ، وَلَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: مَذْهَبُهُمْ جَوَازُ مَسْحِ بَعْضِ الرَّأْسِ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرُوا مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ أَصْلًا فَكَيْفَ يُنْسَبُ إِلَيْهِمْ مَا لَمْ يَقُولُوهُ، وَلَاسْتَحَالَ قَوْلُ عُمَرَ: مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ.

فَإِنَّ الْمُخَالِفَ يَقُولُ: إِنَّمَا طَهَّرَهُ مَسْحُ بَعْضِ الرَّأْسِ.

<<  <   >  >>