للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مَسْحُ الْعِمَامَةِ مَعَ الرَّأْسِ مَشْرُوعٌ إِجْمَاعًا، مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ قِيَاسِ الرِّجْلِ إِمَّا اسْتِحْبَابًا أَوْ وُجُوبًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ سَتْرَ جَمِيعِ الرَّأْسِ غَيْرُ مُعْتَادٍ بِخِلَافِ سَتْرِ جَمِيعِ الْقَدَمِ.

فَمِنْ أَيْنَ لَهُمْ أَنَّ مَسْحَ بَعْضِ الرَّأْسِ بِدُونِ الْعِمَامَةِ هُوَ الْمُجْزِئُ؟ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ الصَّحِيحَةُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَسْحُ مَا يَظْهُرُ؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ بِلَالٍ وَثَوْبَانَ أُمِرَ بِمَسْحِ الْخِمَارِ وَالْعَصَائِبِ وَلَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ آخَرُ، وَكَذَلِكَ عَامَّةُ مَنْ حَكَى عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ لَمْ يَذْكُرُوا النَّاصِيَةَ إِلَّا الْمُغِيرَةَ فَيَكُونُ قَدْ فَعَلَهُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ إِذْ لَوْ كَانَ هُوَ الْمُدَاوَمَ عَلَيْهِ لَمَا أَغْفَلَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَلَا يَجِبُ مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ مَعَ مَسْحِ الْعِمَامَةِ.

وَلِأَنَّهُمَا مِنَ الْأَصْلِ تَبَعًا، وَقَدِ انْتَقَلَ الْفَرْضُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ يَسْقُطُ فِي التَّيَمُّمِ وَجَاءَ طُهُورُهُ فِي الْقُرْآنِ بِلَفْظِ الْمَسْحِ فَشُرِعَ الْمَسْحُ عَلَى لِبَاسِهِ كَالرِّجْلَيْنِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ المَسْحَ إِلَى الْمَسْحِ أَقْرَبُ مِنَ الْمَسْحِ إِلَى الْغَسْلِ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ مَسْتُورٌ بِلِبَاسِهِ وَاسْتِيعَابُهُ يَشُقُّ؛ وَلِأَنَّ الْعِمَامَةَ مَحَلٌّ لِتَكْمِيلِ وَظِيفَةِ الْمَسْحِ فَكَانَتْ مَحَلًّا لِلْمَسْحِ الْمُجْزِئِ، كَجَوَانِبِ الرَّأْسِ وَعَكْسُهُ مَسْحُ بَاطِنِ الْخُفِّ.

وَفِي مَسْحِ الْمَرْأَةِ عَلَى مِقْنَعَتِهَا وَهِيَ خِمَارُهَا الْمُدَارُ تَحْتَ حَلْقِهَا رِوَايَتَانِ.

إِحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ نُصُوصَ الرُّخَصِ إِنَّمَا تَنَاوَلَتِ الرَّجُلَ بِيَقِينٍ، وَالْمَرْأَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهَا مَلْبُوسٌ عَلَى رَأْسِ الْمَرْأَةِ فَهُوَ كَالْوِقَايَةِ.

وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ، وَهِيَ أَظْهَرُ لِعُمُومِ قَوْلِهِ: " «امْسَحُوا عَلَى الْخُفَّيْنِ

<<  <   >  >>