وَالْخِمَارِ» " وَالنِّسَاءُ يَدْخُلْنَ فِي الْخِطَابِ الْمَذْكُورِ تَبَعًا لِلرِّجَالِ كَمَا دَخَلْنَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ.
وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّهَا كَانَتْ تَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ " فَلَوْلَا أَنَّهَا عَلِمَتْ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً لَمَا عَمِلَتْهُ، وَهِيَ أَفْهَمُ لِمُرَادِهِ؛ وَلِأَنَّ الرَّأْسَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ الْمَسْحُ عَلَى لِبَاسِهِ فَجَازَ لِلْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ؛ وَلِأَنَّهُ لِبَاسٌ يُبَاحُ عَلَى الرَّأْسِ يَشُقُّ نَزْعُهُ غَالِبًا فَأَشْبَهَ عِمَامَةَ الرَّجُلِ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ خِمَارَهَا يَسْتُرُ أَكْثَرَ مِنْ عِمَامَةِ الرَّجُلِ وَيَشُقُّ خَلْعُهُ أَكْثَرَ وَحَاجَتُهَا إِلَيْهِ أَشَدُّ مِنَ الْخُفَّيْنِ.
فَأَمَّا الْعِمَامَةُ لِلْمَرْأَةِ فَلَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا فِيهِ تَشَبُّهٌ بِالرِّجَالِ، وَإِنْ فُرِضَتِ الْإِبَاحَةُ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ لِحَاجَةٍ، فَهِيَ حَالَةٌ نَادِرَةٌ، فَأَمَّا مَسْحُ الرَّجُلِ عَلَى الْقَلَانِسِ الْمُبَطَّنَاتِ الْكِبَارِ كَالنَّوْمِيَّاتِ الَّتِي تُتَّخَذُ لِلنَّوْمِ وَالدَّنِّيَّاتِ الَّتِي كَانَتِ الْقُضَاةُ تَلْبَسُهَا مُسْتَقْدَمًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ وَأَبَا مُوسَى وَأَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَخَّصُوا فِي ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ مُبَاحٌ مُعْتَادٌ لِلرَّأْسِ أَشْبَهَ الْعِمَامَةَ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَهَذَا إِذَا كَانَتْ مَحْبُوسَةً تَحْتَ الذَّقْنِ كَالْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَاسٌ لَا يَشُقُّ نَزْعُهُ فَأَشْبَهَ الْقَلَنْسُوَةَ غَيْرَ الْمُبَطَّنَةِ؛ وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ إِنَّمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعِمَامَةِ، وَهَذِهِ لَا تُشْبِهُهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ تُلْحَقْ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute