فَصْلٌ:
وَمِنْ شَرْطِ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ أَنْ تَكُونَ سَاتِرَةً لِجَمِيعِ الرَّأْسِ إِلَّا مَا جَرَتِ الْعَادَةُ بِكَشْفِهِ مِثْلَ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ، فَإِنَّ هَذَا يُعْفَى عَنْهُ بِخِلَافِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمَائِمَ إِنَّمَا تُلْبَسُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، ثُمَّ هِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُحَنَّكَةً فَيَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا؛ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا ذُؤَابَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافٍ نَعْلَمُهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ عَلَى هَذَا لَا مَفْهُومَ لَهُ.
وَالْمُحَنَّكَةُ: هِيَ الَّتِي تُدَارُ تَحْتَ الْحَنَكِ مِنْهَا كَوْرَتَانِ، وَتُسَمَّى الْمُحَنَّكَةُ أَوِ الْمُلْتَحَاةُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَانَتْ عِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَانْصَرَفَ كَلَامُهُ وَكَلَامُ أَصْحَابِهِ إِلَيْهَا وَلَمْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ يُرْخُونَ الذَّوَائِبَ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ يَشُقُّ نَزْعُهَا فَجَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا كَالْخُفِّ.
الثَّانِي: أَنْ لَا تَكُونَ مُحَنَّكَةً وَلَا ذَاتَ ذُؤَابَةٍ فَالْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَا يُمْسَحُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِمَّةَ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا مَضَى وَلَا تُلْحَقُ بِهَا لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا لَا يَشُقُّ نَزْعُهَا كَنَزْعِ الْمُحَنَّكَةِ وَلَا تَسْتُرُ سَتْرَهَا فَأَشْبَهَتِ الطَّاقِيَّةَ وَالْكَلْتَةَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ " كَانَ أَبِي يَكْرَهُ أَنْ يَعْتَمَّ الرَّجُلُ بِالْعِمَامَةِ وَلَا يَجْعَلَهَا تَحْتَ حَلْقِهِ " وَقَالَ أَيْضًا: " يُكْرَهُ أَنْ لَا تَكُونَ تَحْتَ الْحَنَكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute