هِيَ الْجِمَاعُ، وَقَالَ عَطَاءٌ وَالْمَوَالِي هِيَ مَا دُونَ الْجِمَاعِ، فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ فَقَالَ: أَيُّهُمَا كُنْتَ قُلْتُ فِي الْمَوَالِي قَالَ: " غُلِبَتِ الْمَوَالِي إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يُكَنِّي عَمَّا يَشَاءُ وَإِنَّهُ كَنَّى بِالْمُلَامَسَةِ عَنِ الْجِمَاعِ " وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ قَالَ: " اللَّمْسُ وَالْمُبَاشَرَةُ وَالْإِفْضَاءُ وَالرَّفَثُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْجِمَاعُ ".
وَلِأَنَّ اللَّمْسَ كَالْمَسِّ وَقَدْ أُرِيدَ بِهِ الْجِمَاعُ فِي قَوْلِهِ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: ٢٣٧] وَالْمُلَامَسَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنِ اثْنَيْنِ، فَيَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى الْجِمَاعِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ ذِكْرَ مَسِّ النِّسَاءِ وَالْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا فِي عُرْفِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالشَّرْعِ هُوَ الْمَسُّ الْمَقْصُودُ مِنَ النِّسَاءِ وَهُوَ اللَّمْسُ لِلتَّلَذُّذِ وَقَضَاءِ الشَّهْوَةِ فَإِنَّ اللَّمْسَ لِغَرَضٍ آخَرَ لَا يُفْهَمُ مِنْ تَخْصِيصِ النِّسَاءِ بِالْمَسِّ، إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ غَيْرِهِنَّ فِي ذَلِكَ الْمَسِّ وَاللَّمْسِ، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا لَكِنَّ نِسْبَتَهُ إِلَى النِّسَاءِ أَوْحَتْ تَخْصِيصَهُ بِالْمَقْصُودِ مِنْ مَسِّهِنَّ كَمَا خُصَّ فِي الطِّفْلَةِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مَسٍّ وَمُبَاشَرَةٍ وَإِفْضَاءٍ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مَعَ الشَّهْوَةِ، وَجَمِيعُ الْأَحْكَامِ بِمَسِّهِنَّ مِثْلُ تَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَالْمُعْتَكِفِ وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي الْإِحْرَامِ وَانْتِشَارِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَحُصُولِ الرَّجْعَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ إِنَّمَا تَثْبُتُ فِي مَسِّ الشَّهْوَةِ وَلَا يُقَالُ: مَسُّ النِّسَاءِ فِي الْجُمْلَةِ هُوَ مَظِنَّةُ أَنْ يَكُونَ لِشَهْوَةٍ فَأُقِيمَ مَقَامَهُ لِأَنَّنَا نَقُولُ: إِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute