للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَبَبٍ، وَلَيْسَ هُنَاكَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ إِلَّا الِاحْتِلَامَ، وَالْمَاءُ الَّذِي يَخْرُجُ بِالِاحْتِلَامِ فِي الْغَالِبِ إِنَّمَا هُوَ الْمَنِيُّ، فَأُلْحِقَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ الْمَجْهُولَةُ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ؛ وَلِهَذَا إِذَا كَانَ هُنَاكَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُضَافُ إِلَيْهِ مِثْلَ لَمْسٍ أَوْ تَفْكِيرٍ أَوْ إِبْرِدَةٍ، أَضَفْنَاهُ إِلَيْهِ، وَجَعَلْنَاهُ مَذْيًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا سِوَاهُ، وَمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ الَّذِي لَا يَنَامُ فِيهِ غَيْرُهُ مَنِيًّا لَزِمَهُ الْغُسْلُ، وَيُعِيدُ مَا صَلَّى بَعْدَ آخِرِ نَوْمَةٍ نَامَهَا فِيهِ، إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ قَبْلَهَا، فَيُعِيدُ مِنْ آخِرِ نَوْمَةٍ يُمْكِنُ أَنَّهُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الرَّائِي لِذَلِكَ صَبِيًّا، لَزِمَهُ الْغُسْلُ إِنْ كَانَ سِنُّهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ الْبُلُوغُ وَهُوَ اسْتِكْمَالُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً أَوْ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ تِسْعِ سِنِينَ، عَلَى اخْتِلَافِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ، فَأَمَّا إِنْ وَجَدَ اثْنَانِ مَنِيًّا فِي ثَوْبٍ نَامَا فِيهِ، فَلَا غُسْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْمَشْهُورِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ اثْنَيْنِ تُيُقِّنَ الْحَدَثُ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَلَّفٌ بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ زَوَالُ طَهَارَتِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: إِنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَزَوْجَتِي طَالِقٌ، وَطَارَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا هُوَ، لَكِنْ لَا يُأَثِّمُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَعَنْهُ: تَلْزَمُهُمَا جَمِيعًا الطَّهَارَةُ؛ لِأَنَّهُمَا تَيَقَّنَا حَدَثَ أَحَدِهِمَا، وَلَيْسَ فِي أَمْرِهِمَا " بِالْغُسْلِ " كَثِيرُ مَشَقَّةٍ. فَإِنْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِ الْمَنِيِّ عِنْدَ الشَّهْوَةِ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ، وَجَبَ الْغُسْلُ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ.

وَفِي الْأُخْرَى: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: إِذَا حَذَفْتَ وَفَضَخْتَ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ مَا لَمْ يَخْرُجْ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْبَاطِنِ، فَلَمْ يَجِبْ

<<  <   >  >>