مَعَهُ غَالِبًا، وَلَوْ غَيَّبَ الْحَشَفَةَ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَجَبَ الْغُسْلُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَإِذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ فَأَوْلَجَ مِنَ الْبَاقِي بِمِقْدَارِ الْحَشَفَةِ وَجَبَ الْغُسْلُ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطْءِ مِنَ التَّحْلِيلِ وَالْمَهْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا. فَأَمَّا الْخَصِيُّ إِذَا جَامَعَ فَقَالَ أَحْمَدُ فِي خَصِيٍّ وَمَجْبُوبٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ: " لَا غُسْلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ قَضِيبُهُ، فَإِنْ أَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ ". وَقَالَ أَيْضًا: " إِذَا كَانَ لَهُ مَا يَصِلُ بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، وَإِلَّا إِذَا أَنْزَلَ، قِيلَ: امْرَأَتُهُ، قَالَ: إِذَا أَنْزَلَتْ ". قَالَ أَصْحَابُنَا: إِذَا كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ ذَكَرِهِ مَا يَصِلُ بِهِ إِلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ مِقْدَارُ الْحَشَفَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَعَلَيْهَا بِإِيلَاجِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ إِلَّا بِالْإِنْزَالِ لِلْمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهَا يُخْلَقُ مِنْهُ الْإِنْسَانُ، وَسَوَاءٌ أَوْلَجَ فِي فَرْجِ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى، فِي حَيَوَانٍ نَاطِقٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ، حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ، لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ أَصْلٍ، فَأَشْبَهَ فَرْجَ الْمَرْأَةِ؛ وَلِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِنْزَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُشْتَهَى فِي الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى مَا (لَا) يُشْتَهَى غَالِبًا دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةِ الشَّهْوَةِ، وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَدْخَلَتِ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ مَيِّتٍ أَوْ بَهِيمَةٍ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْيَقْظَانُ وَالنَّائِمُ وَالطَّائِعُ وَالْمُكْرَهُ؛ لِأَنَّ مُوجِبَاتِ الطَّهَارَةِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْقَصْدُ، بِدَلِيلِ احْتِلَامِ النَّائِمِ وَسَبْقِ الْحَدَثِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْفَرْجُ أَصْلِيًّا، فَلَوْ وَطَأَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ أَوْ وُطِئَ فِي قُبُلِهِ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَوْلَجَ بِخِلْقَةٍ زَائِدَةٍ، أَوْ أَوْلَجَ فِي خِلْقَةٍ زَائِدَةٍ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْلَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْخُنْثَيَيْنِ ذَكَرَهُ فِي قُبُلِ الْآخَرِ، لَكِنْ لَوْ وَطَأَ وَوُطِئَ فِي قُبُلِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ، وَلَزِمَ أَحَدُ الْآخَرَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ. وَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الصَّغِيرِ إِذَا جَامَعَ، وَالصَّغِيرَةِ إِذَا جُومِعَتْ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَبْقَى جُنُبًا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَأَنْكَرَ قَوْلَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ، وَفَسَّرَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِتَوَقُّفِ مُجْزِئِ الْعِبَادَاتِ عَلَيْهِ، وَوُجُوبُهُ إِذَا بَلَغَ يُوجِبُ الْغُسْلَ كَمَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ، ثُمَّ الصَّغِيرَةُ مِثْلُ الْكَبِيرَةِ فِي إِيجَابِ الْعِدَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute