وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلَابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ الْغُسْلَ قِسْمَانِ: كَامِلٌ وَمُجْزِئٌ، فَالْمُجْزِئُ هُوَ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْكَامِلُ فَهُوَ اغْتِسَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً:
أَوَّلُهَا: النِّيَّةُ.
وَثَانِيهَا: التَّسْمِيَةُ.
وَثَالِثُهَا: أَنْ يَبْدَأَ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ثَلَاثًا كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَأَوْكَدَ؛ لِأَنَّ هُنَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ عَنْهُمَا بِذَلِكَ.
وَرَابِعُهَا: أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيُدَلِّكَ يَدَهُ بَعْدَهُ لِمَعْنَيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُزِيلَ مَا بِهِ مِنْ أَذًى، وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ عَلَى يَدَيْهِ نَجَاسَةٌ أَزَالَهَا قَبْلَ الِاغْتِسَالِ؛ لِئَلَّا تُمَاعَ بِالْمَاءِ، وَلِئَلَّا يَتَوَقَّفَ ارْتِفَاعُ الْحَدَثِ عَلَى زَوَالِهَا فِي الْمَشْهُورِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ غَسْلَ الْفَرْجِ، فَإِنْ مَسَّ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهُ أَخَلَّ بِسُنَّةِ الدَّلْكِ، وَرُبَّمَا لَا يَتَيَقَّنُ وُصُولَ الْمَاءِ إِلَى مَغَابِنِهِ إِلَّا بِالدَّلْكِ، وَكَذَلِكَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِعَادَةُ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْغُسْلِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ مَسَّ ذَكَرَهُ.
وَخَامِسُهَا: أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَا يُكْمِلَ الِاغْتِسَالَ إِلَّا بِالْوُضُوءِ، سَوَاءٌ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ أَوْ لَمْ يَنْوِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ: " «أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute