للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غُسْلِ الْجَنَابَةِ، فَقَالَ: تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اغْسِلْ رَأْسَكَ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَفِضْ عَلَى رَأْسِكَ وَسَائِرِ جَسَدِكَ» ".

وَلِأَنَّهُ غُسْلٌ يُسَنُّ فِيهِ تَقْدِيمُ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا لِأَنَّ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْلَى بِالطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِهَا، بِدَلِيلِ وُجُوبِ تَطْهِيرِهَا فِي الطَّهَارَتَيْنِ، فَإِذَا فَاتَهَا التَّخْصِيصُ فَلَا أَقَلَّ مِنَ التَّقْدِيمِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ وُضُوءُ الْجُنُبِ مُؤَثِّرًا فِي نَوْمِهِ وَأَكْلِهِ وَجِمَاعِهِ وَجُلُوسِهِ فِي الْمَسْجِدِ.

وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءًا كَامِلًا كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، أَوْ يُؤَخِّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ، كَمَا فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكْفِي إِفَاضَةُ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ وَدَلْكُهُ مِنْ مَسْحِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْوُضُوءِ، وَلِذَلِكَ فِي الْغُسْلِ الْأَفْضَلُ صِفَةُ عَائِشَةَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ، وَإِنِ احْتِيجَ إِلَى غَسْلِهِمَا ثَانِيًا لِكَوْنِهِ بِمُسْتَنْقَعٍ يَقِفُ الْمَاءُ فِيهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ كَذَلِكَ، وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ غَالِبِ فِعْلِهِ، وَمَيْمُونَةُ أَخْبَرَتْ عَنْ غُسْلٍ وَاحِدٍ، وَلِأَنَّ فِي حَدِيثِ عُمَرَ الْأَمْرَ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُمَا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَأَشْبَهَا الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ، وَلِأَنَّهُ غُسْلٌ تَقَدَّمَ فِيهِ الْوُضُوءُ جَمِيعُهُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ. وَعَنْهُ أَنَّ صِفَةَ مَيْمُونَةَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ غُسَالَةَ الْبَدَنِ تَنْصَبُّ إِلَيْهَا فَتُنْدِيهِمَا وَتُلَوِّثُهُمَا، فَتُعُيِّنَ عَلَى غَسْلِهِمَا وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى إِعَادَتِهِ ثَانِيًا، وَيَكُونُ أَقَلَّ فِي إِرَاقَةِ الْمَاءِ، وَلِذَلِكَ بَدَأَ بِأَعَالِي الْبَدَنِ قَبْلَ أَسَافِلِهِ.

<<  <   >  >>