للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَبَدَنِ الْمَيِّتِ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ، وَإِنَّمَا يُبِيحُ فِعْلَ الصَّلَاةِ مَعَهُ، فَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ عَنِ الْجُنُبِ وَالْمُسْتَحَاضَةِ يَجِبُ عَلَيْهَا غَسْلُ النَّجَاسَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ عَلَى جُرْحٍ لَمْ يَجِبْ تَطْهِيرُهُ مِنَ الْحَدَثِ تَيَمَّمَ لَهَا، خَاصَّةً إِنْ كَانَتْ عَلَى مَحَلِّ الْحَدَثِ، وَهِيَ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا يَتَيَمَّمُ عَنِ الْحَدَثِ وَالْجُنُبِ وَيُجْزِئُهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، كَمَا يُجْزِئُهُ عَنِ الْحَدَثَيْنِ وَكَمَا تَتَدَاخَلُ طَهَارَتَا الْحَدَثِ وَالْجُنُبِ فِي الْمَاءِ، وَفِي الْآخَرِ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسَيْنِ، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ عَجَزَ عَنْهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَجَزَ عَنِ التَّوَضُّؤِ لِمَرَضٍ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ إِزَالَتِهَا لِعَدَمِ الْمَاءِ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يُعِيدُهَا؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ وَغَيْرُهُ مُتَّصِلٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا تَيَمَّمَ بِهِ عَنْهَا، بِخِلَافِ نَجَاسَةِ الْجُرْحِ فَإِنَّهَا تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى وَتَطُولُ مُدَّتُهَا، وَالْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ كَالتَّيَمُّمِ عَنِ الْحَدَثِ وَنَجَاسَةِ الْجُرْحِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَى مَنْ عَجَزَ عَنْ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَعَنِ التَّيَمُّمِ لَهَا، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، فَإِذَا لَمْ نُوجِبِ الْإِعَادَةَ هُنَاكَ فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخَفِّفَ النَّجَاسَةَ بِمَا أَمْكَنَهُ مِنْ مَسْحٍ أَوْ حَكٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ قَبْلَ التَّيَمُّمِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَطَاعُ، وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي مُبْدَلِهِ، وَفِي الْآخَرِ لَا تُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ كَمَا لَا تُعْتَبَرُ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.

فَصْلٌ

يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ الصَّلَاةُ وَالطَّوَافُ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ، فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا، وَالسُّجُودُ الْمُجَرَّدُ كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ، وَالْقِيَامُ الْمُجَرَّدُ وَهُوَ صَلَاةُ الْجَنَازَةِ، وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِحَدَثِهِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ، هَذَا إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى الطَّهَارَةِ، فَأَمَّا الْعَاجِزُ فَيُذْكَرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي التَّيَمُّمِ، لِمَا رَوَى

<<  <   >  >>