للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيَجُوزُ بَعْضُ الْآيَةِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْخُطْبَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ إِعْجَازٌ، فَأَشْبَهَ الْبَسْمَلَةَ وَالْحَمْدَ لَهُ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ وَهِيَ أَقْوَى لِقَوْلِ عَلِيٍّ " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا لَمْ يُصِبْ أَحَدَكُمْ جَنَابَةٌ، فَإِنْ أَصَابَهُ جَنَابَةٌ فَلَا وَلَا حَرْفًا وَاحِدًا " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ.

وَقَالَ عَلِيٌّ: " أَعْلَمُ بِهَا " حَيْثُ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إِلَّا الْجَنَابَةَ وَالْحَرْفُ مِنَ الْقُرْآنِ» فَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَرْوِيهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ يَذْكُرَانِ اللَّهَ وَلَا يَقْرَآنِ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا، قِيلَ: وَلَا آيَةً؟ قَالَ: وَلَا نِصْفَ آيَةٍ " رَوَاهُ حَرْبٌ؛ وَلِأَنَّ بَعْضَ الْآيَةِ كَالْآيَةِ فِي مَنْعِ الْمُحْدِثِ مِنْ مَسِّ كِتَابَتِهَا، فَكَذَلِكَ فِي مَنْعِ الْجُنُبِ مِنْ تِلَاوَتِهَا. وَأَمَّا ذِكْرُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَدُعَاؤُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: " «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ» " رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا.

وَلِأَنَّ الْمَنْعَ إِنَّمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ، وَغَيْرُهُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ لَا يُسَاوِيهِ فِي الْحُرْمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ الْمُحْدِثُ مِنْ مَسِّ صَحِيفَتِهِ، وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِهِ إِلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْقُرْآنِ، وَإِنَّ التِّلَاوَةَ أَفْضَلُ مِنَ الذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «أَفْضَلُ الْكَلَامِ بَعْدَ الْقُرْآنِ أَرْبَعٌ وَهُنَّ مِنَ الْقُرْآنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ،

<<  <   >  >>