وَفِي لَفْظِ الدَّارَقُطْنِيِّ: «إِنَّمَا يَكْفِيكَ أَنْ تَضْرِبَ بِكَفَّيْكَ فِي التُّرَابِ ثُمَّ تَنْفُخَ فِيهِمَا ثُمَّ تَمْسَحَ بِهِمَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ إِلَى الرُّسْغَيْنِ.
» وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «فِي التَّيَمُّمِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَضْرِبَ بِيَدَيْهِ الصَّعِيدَ مُفَرَّجَةً أَصَابِعُهُ، وَيَمْسَحَ ظَاهِرَ كَفِّهِ الْيُمْنَى بِبَاطِنِ رَاحَتِهِ الْيُسْرَى بِأَنْ يُمِرَّ الرَّاحَةَ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِ الْيَدِ الْيُمْنَى حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الْكُوعِ، ثُمَّ يَمْسَحُ ظَاهِرَ إِبْهَامِ الْيُمْنَى بِبَاطِنِ إِبْهَامِ الْيُسْرَى، ثُمَّ يَمْسَحُ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى كَذَلِكَ، وَيُخَلِّلُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَلَوْ مَسَحَ الْوَجْهَ بِجَمِيعِ الْيَدَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى جَازَ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِمَا غُبَارٌ وَاحْتَاجَ إِلَى ضَرْبَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالصَّعِيدِ، هَكَذَا ذَكَرَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَنْقُولِ عَنْ أَحْمَدَ.
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " رَأَيْتُ أَحْمَدَ عَلَّمَ رَجُلًا التَّيَمُّمَ، فَضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ضَرْبَةً خَفِيفَةً، ثُمَّ مَسَحَ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى مَسْحًا خَفِيفًا، كَأَنَّهُ نَفَضَ مِنْهُمَا التُّرَابَ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ مَرَّةً، ثُمَّ مَسَحَ كَفَّيْهِ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى ".
وَقَالَ الْقَاضِي: " لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ بِجَمِيعِ كَفَّيْهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التُّرَابُ الَّذِي عَلَى رَاحَتَيْهِ مُسْتَعْمَلًا، فَإِذَا مَسَحَ بِهِ ظَهْرَ كَفَّيْهِ لَمْ يُجْزِئْهُ ". وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ مَا وَصَلَ إِلَى الْوَجْهِ، أَمَّا مَا يَبْقَى فِي الْيَدِ فَلَيْسَ بِمُسْتَعْمَلٍ كَمَا تَقَدَّمَ مِثْلَ هَذَا فِي الْوُضُوءِ.
الْفَصْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ إِنْ تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ أَوْ بِأَكْثَرَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَفْرُوضَ فِي الْقُرْآنِ أَنْ يَمْسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ مِنَ الصَّعِيدِ وَقَدْ حَصَلَ، كَمَا قُلْنَا فِي إِيصَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute