للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ الْأَمْرَيْنِ، وَبِهِ كَانَ يَقُولُ عَمَّارٌ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا تَيَمَّمَ بِالضَّرْبَتَيْنِ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَمْسَحَ بِالضَّرْبَةِ الْأُولَى جَمِيعَ وَجْهِهِ بِهِ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ، وَمِمَّا لَا يَشُقُّ، وَبِالثَّانِيَةِ يَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ فَيَضَعُ بُطُونَ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى ظَهْرِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُمْنَى وَيُمِرُّهَا إِلَى ظَهْرِ الْكَفِّ، فَإِذَا بَلَغَ إِلَى الْكُوعِ قَبَضَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِ عَلَى حَرْفِ الذِّرَاعَ وَيُمِرُّهَا إِلَى مِرْفَقِهِ ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ ذِرَاعِهِ وَيُمِرُّهُ عَلَيْهِ وَيَرْفَعُ الْإِبْهَامَ، فَإِذْ بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ الْإِبْهَامَ عَلَى ظَهْرِ إِبْهَامِ يَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَمْسَحُ الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى كَذَلِكَ، وَيَمْسَحُ إِحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى وَيُخَلِّلُ الْأَصَابِعَ، وَالْأَقْطَعُ مِنَ الْكُوعِ يَمْسَحُ بِالتُّرَابِ مَوْضِعَ الْقَطْعِ فِي الْمَنْصُوصِ مِنَ الْوَجْهَيْنِ كَالْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةً مِنَ الذِّرَاعِ مَسَحَ مَوْضِعَ الْقَطْعِ أَيْضًا، نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ الْقَاضِي: " يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْإِسْبَاغِ فِي الْوُضُوءِ ".

الْفَصْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْفَرْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: ٦]، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: («فَتَمْسَحُ بِهَا وَجْهَكَ وَكَفَّيْكَ»).

وَهَذَا يُزِيحُ مَا لَعَلَّهُ يُتَوَهَّمُ فِي الْبَاءِ مِنْ تَبْعِيضٍ، فَأَمَّا مَا يَشُقُّ إِيصَالُ التُّرَابِ إِلَيْهِ كَبَاطِنِ الشُّعُورِ الْخَفِيفَةِ وَالْكَثِيفَةِ، فَلَا؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ، وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ ضَرْبَةٌ أَوْ بَعْضُ ضَرْبَةٍ لِلْوَجْهِ، وَبِذَلِكَ لَا يَصِلُ التُّرَابُ إِلَى أَثْنَاءِ الشَّعْرِ.

وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُلَ الصَّعِيدَ إِلَى الْوَجْهِ وَالْيَدِ فَإِنْ نَسَفَتْهُ الرِّيحُ بِغَيْرِ قَصْدِ الْعِبَادَةِ عَلَى وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَوَى وَمَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَيْهِ وَيَدَيْهِ بِمَا عَلَيْهِمَا، لَمْ يُجْزِئْهُ، بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَهُ أَنْ يَقْصِدَ الصَّعِيدَ، وَأَنْ يَمْسَحَ بِهِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ فِي الْوُضُوءِ إِلَّا بِالْمَسْحِ، فَإِنْ نَقَلَ مَا عَلَى الْوَجْهِ إِلَى الْيَدِ أَوْ بِالْعَكْسِ جَازَ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ الصَّعِيدَ وَمَسَحَ بِهِ، وَسَوَاءٌ نَقَلَهُ

<<  <   >  >>