بِيَدِهِ أَوْ بِخِرْقَةٍ فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ، كَمَا لَوْ نَقَلَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ صَمَدَ لِلرِّيحِ حَتَّى نَسَفَتْهُ كَانَ نَقْلًا فِي أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ بِقَصْدِهِ انْتَقَلَ.
ثُمَّ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَهُ بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، اخْتَارَهُ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ أَوْصَلَ الطَّهُورَ إِلَى مَحَلِّهِ، كَمَا لَوْ تَمَرَّغَ فِي التُّرَابِ كَمَا فَعَلَ عَمَّارٌ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَا رَجَّحُوهُ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْحًا، وَكَذَلِكَ لَوْ وَضَعَ يَدَهُ الْمُغَبَّرَةَ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَارٍ، أَوْ ذَرَّى التُّرَابَ عَلَى وَجْهِهِ، وَأَمَّا التَّمَرُّغُ فَإِنَّمَا يُجْزِئُ بِهِ فِي الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مَسْحٌ إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ إِمْرَارِ مَحَلِّ التُّرَابِ عَلَى الْوَجْهِ أَوْ إِمْرَارِ الْوَجْهِ عَلَى مَحَلِّ التُّرَابِ، وَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى التُّرَابِ فَعَلِقَ بِهَا مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ جَازَ.
وَالتَّرْتِيبُ وَالْمُوَالَاةُ وَاجِبَانِ فِي التَّيَمُّمِ كَالْوُضُوءِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ أَصْحَابِنَا، قَالَ أَحْمَدُ: يَبْدَأُ بِالْوَجْهِ ثُمَّ الْكَفَّيْنِ فِي التَّيَمُّمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُجِبْ هُنَا وَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ جَائِزٌ، وَإِذَا مَسَحَ وَجْهَهُ بِبَاطِنِ أَصَابِعِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَهُ بَعْدَ وَجْهِهِ، بَلْ لَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِجَمِيعِ بَاطِنِ يَدَيْهِ وَبَقِيَ بِهِ غُبَارٌ يَكْفِي لِظَاهِرِهِمَا لَمْ يُعِدْ مَسْحَ الْبَاطِنِ بَعْدَ الْوَجْهِ، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَقَدْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِي الْيَدِ، فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِهَا.
وَوَجْهُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ التَّرْتِيبَ سَقَطَ فِي بَاطِنِ الْيَدِ ضَرُورَةً، فَإِنَّا إِنْ أَوْجَبْنَا مَسْحَهُ مَرَّتَيْنِ كَانَ خِلَافَ قَاعِدَةِ التَّيَمُّمِ فَيَجِبُ مِنَ التَّرْتِيبِ مَا يُمْكِنُ لِقَوْلِهِ: («إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»)، وَلِأَنَّ مَسْحَ بَاطِنِ الْيَدِ لَمَّا حَصَلَ تَبَعًا لِمَسْحِ الْوَجْهِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ كَمَا سَقَطَ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إِذَا أُدْخِلَتْ فِي الْغُسْلِ تَبَعًا، عَلَى أَنَّ قَوْلَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ مُطْلَقًا فِي الْجَمِيعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute