الْغَسْلُ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فَيَنْتَقِلُ إِلَى بَدَلِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا، فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ نَجِسًا أَوْ عَلَيْهِ لُصُوقٌ أَوْ عِصَابَةٌ أَوْ جَبِيرَةٌ، فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا.
الثَّانِيَةُ: إِذَا وَجَدَ مَا لَا يَكْفِيهِ لِجَمِيعِ طَهَارَتِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِمَا لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِي الْآخَرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ يَسْتَعْمِلُ الْجُنُبُ مَا وَجَدَ دُونَ الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ الْجُنُبَ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ عَمَّا غَسَلَهُ، وَإِذَا وَجَدَ بَعْدَ ذَلِكَ مَاءً غَسَلَ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ لَا تَجِبُ فِي الْغُسْلِ بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ، فَإِنَّ الْمُوَالَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْوُضُوءِ فَلَا يَسْتَفِيدُ بِغُسْلِ الْبَعْضِ فَائِدَةً، وَلِهَذَا شُرِعَ فِي الْجِمَاعِ غَسْلُ بَعْضِ بَدَنِ الْجُنُبِ عِنْدَ النَّوْمِ وَالْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ، وَلَمْ يُشْرَعْ غَسْلُ بَعْضِ أَعْضَاءِ الْمُحْدِثِ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا لِمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَلِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَالْعَجْزُ عَنْ بَعْضِهِ لَا يُسْقِطُ الْمُمْكِنَ مِنْهُ كَالسُّتْرَةِ وَغَسْلِ النَّجَاسَةِ، وَنَقَضُوا التَّعْلِيلَ بِالْمُوَالَاةِ بِمَا إِذَا كَانَ بَعْضُ أَعْضَائِهِ جَرِيحًا وَكَمَنَ بَخَسَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ قَدْ يُمْكِنُ الْمُوَالَاةُ إِذَا وَجَدَ مَاءً قَبْلَ جَفَافِ الْأَعْضَاءِ، ثُمَّ عَجَزَ عَنِ الْمُوَالَاةِ، إِذَا أَسْقَطَهَا لَمْ تُسْقِطْ مَا هِيَ شَرْطٌ لَهُ وَهُوَ الْغُسْلُ كَشَرَائِطِ غَيْرِهَا.
فَصْلٌ:
وَإِذَا كَانَ الْمَاءُ الَّذِي وَجَدَهُ الْجُنُبُ يَكْفِي أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ غَسَلَهَا بِهِ نَاوِيًا عَنِ الْحَدَثَيْنِ فَتَحْصُلُ لَهُ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى وَبَعْضُ الْكُبْرَى، كَمَا فَعَلَ عَمْرٌو وَكَمَا أُمِرَ بِهِ النَّائِمُ وَالْآكِلُ، وَإِذَا وَجَدَ مَا لَا يَكْفِيهِ لَمْ يَتَيَمَّمْ حَتَّى يَسْتَعْمِلَ الْمَاءَ لِيَتَحَقَّقَ الْعَدَمُ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّيَمُّمِ وَيَتَمَيَّزُ الْمَغْسُولُ عَنْ غَيْرِهِ لِيَعْلَمَ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَعْضَائِهِ جَرِيحًا أَوْ مَرِيضًا فَلَهُ أَنْ يَبْدَأَ إِنْ شَاءَ بِالْغُسْلِ وَإِنْ شَاءَ بِالتَّيَمُّمِ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْجُنُبِ لَا يَجِبُ فِي طَهَارَتِهِ بِالْمَاءِ فَأَنْ لَا يَجِبَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالتُّرَابِ أَوْلَى، وَلَهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْغَسْلَةِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ كَمَا فِي أَصْلِ الْغَسْلَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute