وَكُلِّ طَاهِرٍ تَصَاعَدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، اخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ " «جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَعِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ» ".
وَيُحْمَلُ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ عَلَى حَالِ وُجُودِ التُّرَابِ، وَالْأَحَادِيثُ الْمُطْلَقَةُ عَلَى عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَزَالُ عِنْدَهُ مَسْجِدُهُ وَطَهُورُهُ وَقَدْ يَعْدَمُ التُّرَابَ فِي أَرْضِ الرِّمَالِ وَالسِّبَاخِ وَغَيْرِهَا، وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ أَوِ التُّرَابَ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، كَمَا لَوْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ وَأَوْلَى، وَفِي الْأُخْرَى: يُعِيدُ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ إِذَا وَجَدَ التُّرَابَ كَحُكْمِ التَّمَسُّحِ بِالتُّرَابِ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ. نَصَّ عَلَيْهِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَتَيَمَّمُ إِلَّا بِالتُّرَابِ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ مَا لَيْسَ بِطَهُورٍ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ لَا يَكُونُ طَهُورًا مَعَ عَدَمِهِ، كَالْحَشِيشِ وَالْمِلْحِ الْمَائِيِّ، فَإِنْ خَالَطَ التُّرَابَ مَا لَيْسَ بِطَهُورٍ كَالْكُحْلِ وَالنَّوْرَةِ وَالزِّرْنِيخِ فَخَرَّجَهَا الْقَاضِي عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَاءِ إِذَا خَالَطَتْهُ الطَّاهِرَاتُ، إِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ لَمْ تُؤَثِّرْ، وَإِنْ غَيَّرَ اسْمَهُ وَغَلَبَ عَلَى أَجْزَائِهِ مُنِعَ، وَإِنْ غَيَّرَ بَعْضَ صِفَاتِهِ فَعَلَى رِوَايَتَيِ الْمَاءِ.
وَالثَّانِي، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: يُمْنَعُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَصَلَ فِي الْعُضْوِ فَمَنَعَ وُصُولَ التُّرَابِ إِلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ غُبَارٌ يَعْلَقُ " كَا .... " وَنُخَالَةِ الذَّهَبِ فَلَا يُؤَثِّرُ مَا لَمْ يَمْنَعْ وُصُولَ غُبَارِ التُّرَابِ إِلَى جَمِيعِ الْيَدِ، وَإِذَا خَالَطَ الرَّمْلُ التُّرَابَ، وَقُلْنَا: لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ، فَهَلْ يُمْنَعُ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute