الْوَجْهَيْنِ إِذْ لَا نَصَّ فِيهِ وَحُرْمَتُهُ أَخَفُّ، وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: فِيهِ الْكَفَّارَةُ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمِ.
وَلِمَا رَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «جَعَلَ فِي الْحَائِضِ تُصَابُ دِينَارًا، فَإِنْ أَصَابَهَا وَقَدْ أَدْبَرَ الدَّمُ عَنْهَا وَلَمْ تَغْتَسِلْ فَنِصْفُ دِينَارٍ»، كُلُّ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمُعْتَمَدُ هِيَ الرِّوَايَةُ الْأُولَى لِصِحَّتِهَا. وَنِصْفُ الدِّينَارِ الزَّائِدُ إِذَا أَخْرَجَ دِينَارًا فَهُوَ مِنَ الْكَفَّارَةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَإِنْ جَازَ تَرْكُهُ، بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ صَدَقَةٌ مَحْضَةٌ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ عَلَى جِهَةِ التَّكْفِيرِ فَهُوَ مُرَغَّبٌ فِيهِ لَيْسَ هُوَ مِنَ الْكَفَّارَةِ الْمُقَدَّرَةِ الْمَأْمُورِ لِقَوْلِهِ: " «الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ» " وَقَوْلِهِ: " «أَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» ". وَقَوْلِ حُذَيْفَةَ " فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ " وَهَذَا كَمَا يُخَيَّرُ الْحَاجُّ بَيْنَ أَنْ يَبِيتَ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ بِمِنًى وَيَرْمِيَ الْجَمْرَةَ مِنَ الْغَدِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَكَمَنَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ، فَإِنْ أَخْرَجَ سُبُعَ بَدَنَةٍ جَازَ وَإِنْ أَخْرَجْ بَدَنَةً فَهُوَ هَدْيٌ أَيْضًا وَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَأَخْرَجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute