نَفْسِهِ وَالْمُكَاتِبِ، وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ هُمُ الْمَسَاكِينُ خَاصَّةً، وَكَذَلِكَ كُلُّ صَدَقَةٍ مُطْلَقَةٍ هَلْ تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي، إِحْدَاهُمَا: تَسْقُطُ وَاخْتَارَهَا ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ كَكَفَّارَةِ الْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ لَيْسَ بِبَدَلٍ وَلَا لَهُ بَدَلٌ، فَأَشْبَهَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَالْمَالِ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «لَا صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» " وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ، وَاخْتَارَهَا بَعْضُهُمْ كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَالْإِحْرَامِ.
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً، وَهِيَ الَّتِي أُضْجِعَتْ قَهْرًا أَوْ وُطِئَتْ وَهِيَ نَائِمَةٌ؛ إِذْ لَا فِعْلَ لَهَا، فَأَمَّا الْمُطَاوِعَةُ فَفِيهَا وَجْهَانِ، تَخْرِيجًا عَلَى الصَّوْمِ وَالْحَجِّ، لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ هُنَا هُوَ الْوُجُوبُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي الْجَمِيعِ، لَكِنَّ تَمْكِينَهَا مِنْ وَطْءِ الرَّجُلِ بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ فِي الْحَدِّ فَفِي الْكَفَّارَةِ أَوْلَى، وَأَمَّا النَّائِمَةُ وَالَّتِي ضُرِبَتْ حَتَّى مَكَّنَتْ فَهَلْ تُلْحَقُ بِالْمُطَاوِعَةِ أَوِ الْمَغْلُوبَةِ عَلَى نَفْسِهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَيَتَخَرَّجُ أَنْ تَجِبَ عَلَى الْمُكْرَهَةِ أَيْضًا، وَيَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ، أَوْ لَا يَتَحَمَّلُهَا كَمَا فِي الْحَجِّ وَالصِّيَامِ، فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى، وَقِيلَ: الْكَفَّارَةُ الْوَاحِدَةُ يَشْتَرِكَانِ فِيهَا، وَيَجِبُ فِي وَطْءِ النُّفَسَاءِ مَا يَجِبُ فِي وَطْءِ الْحَائِضِ، نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا مِثْلُهَا.
فَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الدَّمِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ، وَأَمَّا الْكَفَّارَةُ فَيَنْبَغِي إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حَيْضٌ كَالْمُبْتَدِأَةِ وَالْمُعْتَادَةِ وَالْمُنْتَقِلَةِ عَادَتُهَا أَوِ الْعَائِدِ دَمُهَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، إِذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ، وَإِلَّا كَانَ كَوَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ وَوَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ حَرَامٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْعَنَتَ؛ لِأَنَّهُ دَمُ أَذًى فَأَشْبَهَ الْحَيْضَ، وَفِي الْأُخْرَى لَا يَحْرُمُ كَدَمِ الْقُرُوحِ وَالْجُرُوحِ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ كَفَّارَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute