وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إِنْ تَكَرَّرَتْ كَانَتْ حَيْضًا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ؛ لِأَنَّهَا بِالتَّكَرُّرِ تَصِيرُ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ مَا تَرَاهُ بَعْدَ الطُّهْرِ، فَإِنَّهَا لَا تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ لَوْ كَانَ دَمًا، وَلِأَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ مِنْ أَلْوَانِ الدَّمِ، فَأَشْبَهَ السَّوَادَ وَالْحُمْرَةَ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ فِي الَّتِي تَرَى مَا يُرِيبُهَا بَعْدَ الطُّهْرِ: " «إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ أَوْ عُرُوقٌ» "، وَقَالَتْ أَمُّ عَطِيَّةَ: " كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئًا " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَفِي لَفْظٍ لِأَبِي دَاوُدَ: " بَعْدَ الطُّهْرِ "، وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ قَبْلَ الطُّهْرِ حَيْضٌ.
كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ: " إِنَّ نِسَاءَكُنَّ يُرْسِلْنَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الشَّيْءُ مِنَ الصُّفْرَةِ إِلَيْهَا، فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقُصَّةَ الْبَيْضَاءَ "، قَالَ أَحْمَدُ: " الْقُصَّةُ شَيْءٌ يَتْبَعُ الْحَيْضَةَ أَبْيَضُ، لَا يَكُونُ فِيهِ صُفْرَةٌ وَلَا كُدْرَةٌ "، وَقَالَ أَيْضًا: " تُدْخِلُ الْقُطْنَةَ، فَتَخْرُجُ عَلَيْهَا نُقْطَةٌ بَيْضَاءُ تَكُونُ عَلَى أَثَرِ الدَّمِ، هِيَ عَلَامَةُ الطُّهْرِ " وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: " الْقُصَّةُ الْبَيْضَاءُ: إِذَا اسْتُدْخِلَتِ الْقُطْنَةُ فَخَرَجَتْ بَيْضَاءَ لَيْسَ عَلَيْهَا شَيْءٌ " وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ.
وَالْقُصَّةُ بِضَمِّ الْقَافِ: الْقُطْنَةُ الَّتِي تَحْشُوهَا الْمَرْأَةُ، فَإِذَا خَرَجَتْ بَيْضَاءَ لَا تَغَيُّرَ عَلَيْهَا فَهِيَ الْقُصَّةُ. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " فِي الصُّفْرَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute