للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ إِسْحَاقُ: " هُوَ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا " وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: " لَمْ يَقُلْ بِالسِّتِّينَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلُ مَنْ بَعْدَهُمْ ". وَلِأَنَّ الْأَرْبَعِينَ هِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي يَنْتَقِلُ فِيهَا الْإِنْسَانُ مِنْ خَلْقٍ إِلَى خَلْقٍ، فَإِنَّهُ يَبْقَى نُطْفَةً أَرْبَعِينَ ثُمَّ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ طَوْرُ خَلْقِهِ يَكْمُلُ فِي الْأَرْبَعِينَ، فَأَنْ يَخْرُجَ الدَّمُ فِي الْأَرْبَعِينَ أَولَى، وَكَذَلِكَ كَثِيرًا مَا يَخْرُجُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا، فَعَلَى هَذَا مَتَى جَاوَزَ الدَّمُ أَكْثَرَ النِّفَاسِ فَمَا فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ نِفَاسٌ وَلَا يَكُونُ اسْتِحَاضَةً فِي مُدَّةِ النِّفَاسِ، وَمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ إِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا بِأَنْ يُصَادِفَ عَادَةَ الْحَيْضِ أَوْ أَنْ يَتَّصِلَ بِعَادَةِ الْحَيْضِ وَيَتَكَرَّرَ، أَوْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَادَةِ الْحَيْضِ طُهْرٌ كَامِلٌ أَوْ يَتَكَرَّرُ، فَهُوَ حَيْضٌ وَإِلَّا فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ إِذَا جَاوَزَ الْأَكْثَرَ ثَبَتَ حُكْمُ الْمُسْتَحَاضَةِ فِيهِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَمَرَ النُّفَسَاءَ أَنْ تَقْعُدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا " إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ» قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إِذَا لَمْ " تَرَ " الطُّهْرَ تَقْعُدُ الْأَرْبَعِينَ دُونَ مَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ إِلَى عَادَةٍ أَوْ تَمْيِيْزٍ، وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهِ " نِفَاسًا " وَوُجُودِهِ فِي مُدَّةِ الْأَرْبَعِينَ فَقَطْ، سَوَاءٌ تَكَرَّرَ أَوْ لَمْ يَتَكَرَّرْ وَسَوَاءٌ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ لَمْ يَتَغَيَّرْ؛ لِأَنَّ دَمَ النِّفَاسِ هُوَ مَا فَضَلَ عَنْ غِذَاءِ الْوَلَدِ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْوَلَدِ فِي خَلْقِهِ وَمُكْثِهِ، وَلِأَنَّ الْحَيْضَ يَتَكَرَّرُ كَثِيرًا وَتَقْصُرُ مُدَّتُهُ، بِخِلَافِ النِّفَاسِ فَإِنَّ اعْتِبَارَ الْعَادَةِ فِيهِ يُؤَدِّي " إِلَى " حَرَجٍ عَظِيمٍ وَمَشَقَّةٍ.

وَإِذَا " وَلَدَتْ " تَوْأَمَيْنِ، فَأَوَّلُ مُدَّةِ النِّفَاسِ وَآخِرُهَا مِنَ الْأَوَّلِ، وَعَنْهُ أَنَّ أَوَّلَهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَآخِرَهِ مِنَ الثَّانِي، اخْتَارَهَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، فَتَجْلِسُ مَا تَرَاهُ مِنَ الدَّمِ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تُجَاوِزْ أَكْثَرَ النِّفَاسِ فَإِذَا وَضَعَتِ الثَّانِيَ اسْتَأْنَفَتْ لَهُ

<<  <   >  >>