كتاب الموازنة بين «الفائق» للزمخشري (ت 538 هـ) و «النهاية» لابن الأثير (ت 606 هـ)

ابن الأثير - منهجه في تفسير الألفاظ - ص: 27

ضبطه غير ذلك.

يبين اللحن الشائع العامة وتصحيفهم، أورد الحديث (١): «فَضْلُ عائشة على النساء، كفضل الثَّريد على سائر الطعام» أي: باقيه، ويقول: والناس يستعملونه في معنى الجميع، وليس بصحيح، وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث، وكلها بمعنى باقي الشيء.

وفي حديث عثمان (٢): «وأنا أشرب ماء المِلْح». يقول: ماء مِلْح إذا كان شديد الملوحة، ولا يقال: مالح، إلا على لغةٍ ليست بعالية.

ويبين الأضداد، ومن ذلك حديث (٣): «كان يبدو إلى هذه التِّلاع»، فيقول: التِّلاع: مسايل الماء من عُلْوٍ إلى سُفْل، واحدها تَلْعَة. وقيل: هو من الأضداد يقع على ما انحدر من الماء وأشرف منها.

ويبين أحياناً المعنى العام للحديث الذي ورد فيه اللفظة الغريبة: ففي الحديث (٤) «الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالح جزء من خمسةٍ وعشرين جزءاً من النبوَّة». يقول: أي إنَّ هذه الخِلال من شمائل الأنبياء، ومن جملة الخصالِ المعدودةِ من خصالِهم، وأنها جزءٌ معلومٌ من أجزاء أفعالهم، فاقتَدوا بهم فيها، وتابِعوهم عليها. وليس أنَّ المعنى أنَّ النبوَّة تتجزَّأُ، ولا أنَّ من جَمَعَ هذه الخلالَ كان فيه جزءٌ من النبوَّة، فإنَّ النبوَّةَ غيرُ مكتسَبة ولا مجتلَبَةٍ بالأسباب، وإنما هي كرامة من الله تعالى، ويجوز أن يكون أراد

---

(١) «النهاية» (٢/ ٣٢٧).
(٢) «النهاية» (٤/ ٣٥٥).
(٣) «النهاية» (١/ ١٩٤).
(٤) «النهاية» (١/ ٢٦٥).