للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينكم".

قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فأرجع فأقف مع الناس، فبينما نحن وقوف، إذ سمعنا حسا من السماء شديدا، فهالنا فنزل أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض، أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافهم، وقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ قالوا: لا وهو آت.

ثم ينزل [من] أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة، وبمثلي من فيها من الجن والإنس، حتى إذا دنوا من الأرض، أشرقت الأرض بنورهم، وأخذوا مصافهم، وقلنا لهم: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا وهو آت.

ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف، حتى ينزل الجبار، عَزَّ وجل، في ظُلل من الغمام والملائكة، فيحمل عرشه يومئذ ثمانية - وهم اليوم أربعة - أقدامهم في تخوم الأرض السفلى، والأرض والسموات إلى حُجْزَتَهم والعرش على مناكبهم، لهم زجل في تسبيحهم، يقولون: سبحان ذي العرش والجبروت، سبحان ذي الملك والملكوت، سبحان الحي الذي لا يموت، سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت، سُبُّوح قدوس قدوس قدوس، سبحان ربنا الأعلى، رب الملائكة والروح، سبحان ربنا الأعلى، الذي يميت الخلائق ولا يموت، فيضع الله كرسيه حيث يشاء من أرضه، ثم يهتف بصوته يا معشر الجن والإنس، إني قد أنصت لكم منذ خلقتكم إلى يومكم هذا، أسمع قولكم وأبصر أعمالكم، فأنصتوا إلي، فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.

ثم يأمر الله جهنم، فيخرج منها عنق [مظلم] ساطع، ثم يقول: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} - أو: بها تكذبون - شك أبو عاصم - {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [يس: ٦٠ - ٦٤] فيميز الله الناس وتجثو الأمم. يقول الله تعالى: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: ٢٨] فيقضي الله، عَزَّ وجل، بين خلقه، إلا الثقلين الجن والإنس، فيقضي بين الوحش والبهائم، حتى إنه ليقضي للجماء من ذات القرن، فإذا فرغ من ذلك، فلم تبق تبعة عند واحدة للأخرى قال الله [لها] كوني ترابًا. فعند ذلك يقول الكافر: {يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: ٤٠]

ثم يقضي الله [عَزَّ وجل]

<<  <   >  >>