هذه وقفات يسيرة مع الحافظ ابن كثير - رحمه الله - من خلال تفسيره المبارك للقرآن العظيم أحببت أن ألقي عليها الضوء عسى أن يكون فيها الفائدة لنا جميعا:
الأولى: ورع الحافظ ابن كثير وخوفه من القول على الله بغير علم؛ وذلك من كثرة تكراره لكلمة (والله أعلم) في تفسيره بصورة لا تكاد توجد في كتاب آخر قاربت في مجموع كتابه الألف مرة، (٨٢٤) مرة بالضبط، وهذا الخلق نحتاج أن يتربى عليه المسلمون الآن، خاصة في هذا الزمن الذي من سماته الجرأة على الفتوى، والقول على الله بغير علم، وأصبح الكلام في الدين كلأ مباحا لكل أحد بغير خوف ولا وجل من الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الثانية: تعظيم الحافظ ابن كثير للأحاديث الصحيحة، والعمل بها، والاعتقاد بما تدل عليه، ويتضح ذلك بصورة كبيرة في الكتاب من خلال حرصه على بيان أحكام الأحاديث التي يتعرض لها في التفسير، ومن هذه الأمثلة:
١ - عن عائشة، قالت: ما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يفسر شيئًا من القرآن إلا آيا تُعد، علمهن إيَّاه جبريل، عليه السلام. ...
وتكلَّم عليه الإمام أبو جعفر بما حاصله أن هذه الآيات مما لا يعلم إلا بالتوقيف عن الله تعالى، مما وقفه عليها جبريل. وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث. انظر الحديث رقم (٣) من الكتاب.
* لاحظ أن الحافظ ابن كثير علق قبول التفسير على صحة الحديث فقال: وهذا تأويل صحيح لو صح الحديث.
٢ - وقد ورد في ذلك حديث - لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين، ولكن لم يصح سنده -
قال ابن جرير: ... عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ذكره