الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
فلا يخفى على أحد تمكن الحافظ ابن كثير - رحمه الله - من علوم الشريعة، وخاصة في التفسير والحديث، وليس أدل على ذلك من تلقي العلماء وطلبة العلم كتبه بالقبول، والإقبال عليها قراءة وتدريساً واختصاراً كما في تفسيره المبارك (تفسير القرآن العظيم) الذي لا يكاد يخلو منه بيت كل من له أدنى علاقة بالعلم الشرعي حتى قيل: (بيت فقير الذي يخلو منه تفسير ابن كثير).
يقول العلامة المحدث أحمد شاكر - رحمه الله - (١):
(فإن تفسير الحافظ (ابن كثير) أحسن التفاسير التي رأينا وأجودها وأدقها، بعد تفسير إمام المفسرين أبي جعفر الطبري. ولسنا نوازن بينهما وبين أي تفسير آخر مما بأيدينا، فما رأينا مثلهما ولا ما يقاربهما.
وقد حرص الحافظ ابن كثير على أن يفسر القرآن بالقرآن أولا، ما وجد إلى ذلك سبيلاً، ثم بالسنة الصحيحة التي هي بيان لكتاب الله، ثم يذكر كثيراً من أقوال السلف في تفسير الآي. وإنه ليذكر الأحاديث - في أكثر المواضع - بأسانيدها من دواوين السنة ومصادرها. وكثيراً ما يذكر تعليل الضعيف منها، ولكنه يحرص أشد الحرص على أن يذكر الأحاديث الصحاح، وإن ذكر معها الضعاف. فكتابه - بجانب أنه تفسير للقرآن - معلم ومرشد لطالب الحديث، يعرف به كيف ينقد الأسانيد والمتون، وكيف يميز الصحيح من غيره. فهوكتاب في هذا المعنى تعليمي عظيم، ونفعه جليل كثير).
(١) عمدة التفسير (١/ ٩)، الطبعة الثانية، ١٤٢٦هـ - ٢٠٠٥م، نشر دار الوفاء، دار ابن حزم.