فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة، قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا فندخل الجنة؟ فيقولون: من أحق بذلك من أبيكم آدم، عليه السلام، خلقه الله بيده، ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا؟ فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوح، فإنه أول رسل الله. فيؤتى نوح فيُطْلَب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول عليكم بإبراهيم، فإن الله اتخذه خليلا. فيؤتى إبراهيم، فيُطْلَب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ويقول: عليكم بموسى فإن الله قربه نَجيّا، وكلمه وأنزل عليه التوراة. فيؤتى موسى، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا ويقول: لست بصاحب ذلك، ولكن عليكم بروح الله وكلمته عيسى ابن مريم.
فيؤتى عيسى ابن مريم، فيطلب ذلك إليه، فيقول: ما أنا بصاحبكم، ولكن عليكم بمحمد". قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فيأتوني - ولي عند ربي ثلاث شفاعات [وعدنهن]- فأنطلق فآتي الجنة، فآخذ بحلَقَة الباب، فأستفتح فيفتح لي، فأحيىّ ويرحب بي. فإذا دخلت الجنة فنظرت إلى ربي خررت ساجدا، فيأذن الله لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد، واشفع تشفع، وسل تعطه. فإذا رفعت رأسي يقول الله - وهو أعلم -: ما شأنك؟ فأقول: يا رب، وعدتني الشفاعة، فشفعني في أهل الجنة فيدخلون الجنة، فيقول الله: قد شفعتك وقد أذنت لهم في دخول الجنة".
وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "والذي نفسي بيده، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم، فيدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة، سبعين مما ينشئ الله، عَزَّ وجل، وثنتين آدميتين من ولد آدم، لهما فضل على من أنشأ الله، لعبادتهما الله في الدنيا. فيدخل على الأولى في غرفة من ياقوتة، على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ، عليها سبعون زوجا من سندس وإستبرق، ثم إنه يضع يده بين كتفيها، ثم ينظر إلى يده من صدرها، ومن وراء ثيابها وجلدها ولحمها، وإنه لينظر إلى مُخّ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت، كبدها له مرآة، وكبده لها مرآة. فبينا هو عندها لا يملها ولا تمله، ما يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء، ما يَفْترُ ذَكَرَهُ، وما تشتكي قبلها. فبينا هو كذلك إذ نودي: إنا قد عرفنا