رأسه، وتحف به الملائكة. ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويَبْسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفَر تحت ذقنه، ويفتَح له بابٌ إلى الجنة، فإن نفسه لَتَعلَّلُ عند ذلك بطرف الجنة تارة، وبأزواجها [مرة] ومرَّةً بكسواتها ومرة بثمارها، كما يُعَلّل الصبي أهله إذا بكى". قال: "وإن أزواجه ليبتهشن عند ذلك ابتهاشًا".
قال: "وتنزو الروح". قال البُرْسَاني: يريد أن تخرج من العَجَل إلى ما تحب. قال: "ويقول مَلَك الموت: اخرجي يا أيتها الروح الطيبة، إلى سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب". قال: "ولَمَلَك الموت أشدّ به لطفا من الوالدة بولدها، يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه، فهو يلتمس بلطفه تحببا لديه رضاء للرب عنه، فتُسَلُّ روحه كما تسل الشعرة من العجين". قال: "وقال الله، عز وجل:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ}[النحل: ٣٢]، وقال {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ}[الواقعة: ٨٨، ٨٩]، قال:"روح من جهة الموت، وريحان يتلقى به، وجنة نعيم تقابله". قال:"فإذا قَبض ملك الموت روحه، قالت الروح للجسد: جزاك الله عني خيرا، فقد كنت سريعا بي إلى طاعة الله، بطيئا بي عن معصية الله، فقد نجيت وأنجيت". قال:"ويقول الجسد للروح مثل ذلك".
قال:"وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله فيها، وكل باب من السماء يصعد منه عمله. وينزل منه رزقه أربعين ليلة".
قال:"فإذا قَبَض ملك الموت روحه، أقامت الخمسمائة من الملائكة عند جسده، فلا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم، وغسلته وكفنته بأكفان قبل أكفان بني آدم، وحنوط قبل حنوط بني آدم، ويقوم من بين باب بيته إلى باب قبره صفّان من الملائكة، يستقبلونه بالاستغفار، فيصيح عند ذلك إبليس صيحة تتصدع منها عظام جسده". قال:"ويقول لجنوده: الويل لكم. كيف خَلَص هذا العبد منكم، فيقولون إن هذا كان عبدا معصوما".
قال:"فإذا صعد ملك الموت بروحه، يستقبله جبريل في سبعين ألفا من الملائكة، كل يأتيه ببشارة من ربه سوى بشارة صاحبه". قال:"فإذا انتهى ملك الموت بروحه إلى العرش، خَرّ الروح ساجدا". قال:"يقول الله، عز وجل، لملك الموت: انطلق بروح عبدي فضعه في سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب".
قال: "فإذا وضع في قبره، جاءته الصلاة فكانت عن يمينه، وجاءه