انزل. فنزلت، فقال صل فصليت ثم ركبنا فقال: أتدري أين صليت؟ قلت: الله أعلم. قال: صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى المسيح ابن مريم. ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني، فأتى قبلة المسجد، فربط فيه دابته ودخلنا المسجد من باب فيه تميل الشمس والقمر، فصليت من المسجد حيث شاء الله، وأخذني من العطش أشد ما أخذني، فأتيت بإناءين، في أحدهما لبن وفي الآخرعسل، أرسل إليّ بهما جميعًا، فعدلت بينهما، ثم هداني الله عز وجل، فأخذت اللبن فشربت حتى قَرَعت به جبيني، وبين يدي شيخ متكئ على مثواة له، فقال: أخذ صاحبك الفطرة، إنه ليهدى. ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي فيه المدينة، فإذا جهنم [تنكشف] عن مثل الزرابي، قلت: يا رسول الله، كيف وجدتها؟ قال: مثل الحمة السخنة. ثم انصرف بي فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا، قد أضلوا بعيرًا لهم، قد جمعه فلان، فسلمت عليهم، فقال بعضهم: هذا صوت محمد. ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة"، فأتاني أبو بكر، رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، أين كنت الليلة؟ فقد التمستك في مظانك.
فقال: "علمت أني أتيت بيت المقدس الليلة؟ ". فقال: يا رسول الله، إنه مسيرة شهر، فصفه لي. قال: "ففتح لي صراط كأني أنظر إليه لا يسألني عن شيء إلا أنبأته عنه". قال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله. فقال المشركون: انظروا إلى ابن أبي كَبْشَة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة!. قال: فقال: "إن من آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا، قد أضلوا بعيرًا لهم، فجمعه فلان، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا، ويأتونكم يوم كذا وكذا، يقدمهم جمل آدم، عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان". فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينظرون حتى كان قريب من نصف النهار حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هكذا رواه البيهقي من طريقين عن أبي إسماعيل الترمذي، به. ثم قال بعد تمامه: "هذا إسناد صحيح، وروى ذلك مفرقًا في أحاديث غيره، ونحن نذكر من ذلك إن شاء الله ما حضرنا". ثم ساق أحاديث كثيرة في الإسراء كالشاهد لهذا الحديث. وقد روى هذا الحديث عن شداد بن أوس بطوله الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في تفسيره، عن أبيه، عن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزبيدي،