الحضير - وهو أحد الأنصار، ثم أحد بني عبد الأشهل - حتى أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، ائذن لي في هذا الرجل الذي قد أفتن الناس [حتى] أضرب عنقه. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أوقاتله أنتَ إن أمرتُك بقتله؟ ".
قال: نعم، والله لئن أمرتني بقتله لأضربن بالسيف تحت قُرط أذنيه. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اجلس". ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"آذنوا بالرحيل". فَهَجَّرَ بالناس، فسار يومه وليلته والغد حتى مَتَعَ النهار، ثم نزل. ثم هَجَّر بالناس مثلها، فَصبح بالمدينة في ثلاث سارها من قفا المُشلَّل فلما قدم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة أرسل إلى عمر فدعاه، فقال له رسول الله:"أي عمر، أكنت قاتله لو أمرتك بقتله؟ " قال عمر: نعم، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"والله لو قتلته يومئذ لأرغمتَ أنوف رجال لو أمرتهم اليوم بقتله امتثلوه فيتحدث الناسُ أني قد وقعت على أصحابي فأقتلهم صبرًا". وأنزل الله عز وجل:{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} إلى قوله: {لَئِنْ رَجَعْنَا إلَى الْمَدِينَةِ [لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَل]} الآية.
وهذا سياق غريب، وفيه أشياء نفيسة لا توجد إلا فيه. (المنافقون: ٨)
٧٩٨ - عن ابن عباس قال: من كان له مال يبلغه حج بيت ربه، أو تجب عليه فيه زكاةٌ، فلم يفعل، سأل الرجعة عند الموت. فقال رجل: يا ابن عباس، اتق الله، فإنما يسأل الرجعة الكفار. فقال سأتلوا عليك بذلك قرآنا:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ [وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا] وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} قال: فما يوجب الزكاة؟ قال: إذا بلغ المال مائتين فصاعدا. قال: فما يوجب الحج؟ قال: الزاد والبعير.
ثم قال (الترمذي): ... عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بنحوه (١)
ثم قال: وقد رواه سفيان بن عيينة وغيره، عن أبي جَنَاب، عن ابن الضحاك، عن ابن عباس، من قوله. وهو أصح، وضعَّف أبا جناب الكلبي.
قلت: رواية الضحاك عن ابن عباس فيها انقطاع، والله أعلم. (المنافقون: ٩)