للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإشمامها في الضم (١)، وحقيقة الإشمام في ذلك: أن يشار بالحركة إلى النون (٢) لا بالعضو إليها (٣)،

فيكون ذلك إخفاءً لا إدغاما صحيحا؛ لأن الحركة لا تسكن رأسا، بل يضعف الصوت بها فيفصل بين المدغم والمدغم فيه لذلك، وهذا قول عامة أئمتنا، وهو الصواب لتأكيد دلالته


(١) أصل هذه الكلمة (تَأْمننا) بنونين الأولى لام الفعل، وحقها أن تكون محركة بالضم، والثانية ضمير المتكلم عن نفسه وغيره، إلا أنها كتبت في المصحف بنون واحدة، وأطلق القراء على هذه الكلمة أنها تقرأ بالإدغام، ثم اختلفوا في تفسير ذلك، فمنهم من التزم فيها الإدغام الصحيح، فينطق بعد الميم بنون واحدة مشددة، إلا أنه عند فراغه من النطق بالميم وتوجهه إلى النطق بتلك النون يضم شفتيه، يُشير بذلك إلى الضمة التي تستحق النون الأولى قبل الإدغام، ثم يتبع هذه الإشارة بالنطق بالنون مشددة مفتوحة، فتسمى تلك الإشارة إشماما. ومنهم من حمل التعبير بالإدغام على المسامحة فيلفظ بعد الميم بنونين على الأصل، يحرك الأولى بضمة خفيفة وتبقى الثانية على فتحتها، ويكون ذلك المقدار الذي حصل في النون الأولى من لفظ الضم مانعا من حقيقة الإدغام، وموجبا للتفكيك، إلا أنه لما كانت تلك الحركة خفيفة راجعة إلى باب الروم الذي هو النطق ببعض الحركة، ولم تكن تامة؛ حصل بذلك إخفاء النون الأولى فأشبه الإدغام، فسماه إدغاما بهذا القدر على المجاز والمسامحة، وعلى التفسير الثاني يتخرج كلام الحافظ هنا. وانظر: الدر النثير ٤/ ٢٤٤.
(٢) مرّ في باب الوقف والإدغام الكبير أن الحافظ يسمى كل واحد من الروم والإشمام إشارة. وانظر: الدر النثير ٤/ ٢٤٥.
(٣) أي: أن هذه الإشارة لا تكون بمجرد الشفتين من غير أن يحصل في النطق شيء من لفظ الحركة، بل لا بد من النطق بالحركة الضعيفة، وأنت تعلم أنه لا بد عند النطق بتلك الحركة الضعيفة من حصول تكيف الشفتين بصورة الإشارة. ولم يرد الحافظ بقوله: "لا بالعضو إليها" نفي حصول تكيف الشفتين، وإنما أراد نفي الاقتصاد على مجرد ذلك التكيف .. وكان للحافظ أن يسمي ذلك النطق روما، وأن يقول: "وحقيقة الروم: بدل الإشمام". انظر: الدر النثير ٤/ ٢٤٦.

<<  <   >  >>