ثم الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ليكون للعالمين نذيرا، وأعجز الثقلين عن الإتيان بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا؛ فهو كما قال جل ذكره:{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}(١)، أنزله قرآنا عربيا غير ذي عوج على سبعة أحرف للتسهيل والتيسير.
وأُصلي وأُسلِّم على سيد ولد آدم أجمعين نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، الذي أوتي جوامع الكلم والسبع المثاني والقرآن العظيم، صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطيبين وأصحابه أجمعين وسلم تسليما.
أما بعد: فإن أولى ما أنفقت فيه الهمم العوالي وبُذلت في سبيله المُهج الغوالي: كتاب الله الذي هو كلامُه وهدايته لخلقه على مدى الزمان.
ولقد اهتمّ العلماء الأخيار على مرّ العصور بالقرآن وعلومه؛ وكان ممن اعتنى بالقرآن وقراءته ورسمه وضبطه الحافظ العلامة أبو عمرو الداني صاحب المصنفات الكثيرة النافعة.
ومن أبرز مصنفاته كتابه "التيسير في القراءات السبع" الذي اشتهر شهرةً فائقة، وسارت به الرّكبان، حتى نظمه الشاطبي في منظومة سمّاها:"حرز الأماني ووجه التهاني" المشهورة بـ"الشاطبية"؛ فنظم الكتاب