فيقول الحنفية: ما ذكرتم لا يعارض الأصل المقتضي لإرادة الحيض، ولفظ القرء حقيقة في الحيض مجاز في الطهر، وذلك أن القرء أصله في اللغة: إما الجمع من قولهم: قرأت الماء في الحوض، أي جمعته ومنه سمي القرآن قرآنا، ومنه قول الشاعر:
هجان اللون لم تقرأ جنينا
وإما الانتقال والتغيير من قولهم: قرأ النجم إذا طلع، وقرأ إذا غاب، فإن كان القرء مأخوذا من الاجتماع فزمان الحيض أولي به، لأنه زمان للقطرات المجتمعة بخلاف زمان الطهر، لأنه زمان خلو الدم.
وإن كان مأخوذا من الانتقال والتغيير، فزمان الانتقال من الحالة الأصلية إلى الحالة العارضة، أولى به من العكس، وهو الانتقال عن الطهر إلى الحيض، لا الانتقال عن الحيض إلى الطهر.
وأيضا، فالانتقال إلى الحيض أسبق الانتقالين، فكانت تسميته قرءا أرجح، وإذا كان كذلك فالأولى حمل لفظ القرء على الحيض لا على الطهر.