للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يثبتون إلا وجوداً مطلقاً» فهذا قدر مشترك بينهم، ولكنهم طوائف، فهم ليسوا على درجة واحدة، ففيهم غلاة، وفيهم دون ذلك.

بعد ذلك شرع الشيخ في ذكر تفصيل مذاهب المعطلة:

فمذهب غلاة المعطلة أنهم يصفون الله تعالى بسلب النقيضين.

والنقيضان في اصطلاح المناطقة: «هما اللذان لا يجتمعان ولا يرتفعان معاً» (١)؛ ك «الوجود، والعدم»، و «الحركة، والسكون في الشيء الواحد والوقت الواحد».

فهؤلاء الغلاة يقولون عن الله تعالى: (إنه لا موجود ولا معدوم، ولا حي ولا ميت، ولا عالم ولا جاهل)، وهلم جرًّا (٢).

فالتعطيل: سلب الصفات الثبوتية عن الرب تعالى، أما هؤلاء فغلوا حتى سلبوا عنه النقيضين، أي: الصفة ونقيضها. وهذا المذهب يصدق على الباطنية القرامطة.

وشبهتهم في ذلك - حسب زعمهم - (أنهم إذا وصفوه بالإثبات؛ شبهوه بالموجودات، وإذا وصفوه بالنفي؛ شبهوه بالمعدومات)، فسلبوا عنه النقيضين فراراً من تشبيهه بالموجودات والمعدومات!.

وقد رد عليهم الشيخ وبين فساد مذهبهم، فذكر أن هذا القول - أي: سلب النقيضين - ممتنع في بداهة العقول، أي: أن فساده وامتناعه أمرٌ بدهي مدرك، لا تحتاج معرفته إلى نظر وطول فكر.


(١) «شرح الكوكب المنير» ١/ ٦٨، و «آداب البحث والمناظرة» ص ٤٣.
(٢) «درء التعارض» ٣/ ٣٦٧، و «مجموع الفتاوى» ٥/ ١٩٧ و ٢٧٤ و ٦/ ٥١٦، و «منهاج السنة» ١/ ١٤٩ و ٢/ ٣١١.

<<  <   >  >>