فإثباتُ القدرِ المشترك الذي به تفهم الألفاظ؛ لا يلزم منه التماثل في الخصائص.
فبينَ ماءِ الدنيا وماء الآخرة قدرٌ مشترك؛ وهو:«المعنى العام الكلي للفظ الماء»، وكذلك بين لبن الدنيا ولبن الآخرة قدرٌ مشترك، وبين خمر الدنيا وخمر الآخرة قدرٌ مشترك، وهكذا بقية الأمور التي أخبر عنها الرب تعالى، ولكل من موجودات الدنيا وموجودات الآخرة خصائص لا يشركه فيها الآخر.
فنحنُ نعلم وندرك: أن اللبن شراب يشرب، وهكذا الخمر، والماء، وبينها فروقٌ، وندرك أن هذه الثلاثة من أنواع الشراب، وليست شيئاً يلبس أو يسكن، فنحن نُفرِّق بين معناها ومعنى: المساكن، والملابس، والمطاعم، والحور العين التي في الجنة.
فلا بُدَّ مِنْ إثباتِ القدر المشترك بين الأشياء المتفقة في أسمائها، وهذا القدرُ المشترك؛ هو: المعنى العام، وهو: مسمى الاسم عند الإطلاق، الذي به يفهم معنى اللفظ المطلق والغائب، ثم عند إضافته وتقييده؛ ينضاف إليه معنى آخر يخصه غير المعنى العام المشترك، ولا بد من هذا القدر المشترك حتى تفهم الألفاظ ويمكن التخاطب بها.
وليس هذا المعنى العام والقدر المشترك؛ هو التشبيه الذي نفته الأدلةُ النقليةُ، والعقليةُ.
فالاتفاق في الأسماء، وثبوت القدر المشترك؛ لا يستلزم التماثل في الخصائص.