للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفرقةُ الثانية: طوائف من أهل الكلام؛ وهم: الذين أثبتوا ما أخبر الله به من الثواب والعقاب في الآخرة في الجملة، ونفوا كثيراً مما أخبر الله به عن نفسه، ويدخل في هؤلاء: المعتزلة، والجهمية، والأشاعرة، فهؤلاء كلهم فرَّقوا بين ما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر، فأثبتوا بعضاً ونفوا بعضاً، فوقعوا في التناقض؛ حيث فرقوا بين ما جاءت النصوص الشرعية بإثباته.

وإن كان بين هؤلاء اختلاف في إثبات بعض أمور الآخرة، فالمعتزلة: تنكر الشفاعة لأهل الكبائر، وتوجب لهم الخلود في النار، ومنهم من ينازع في الحوض، والميزان (١)، بخلافِ الأشاعرةِ.

والجهميةُ تقول بفناء الجنة والنار (٢)، بخلاف المعتزلة، والأشاعرة.

والفرقة الثالثة: القرامطة الباطنية، والفلاسفة، ونحوهم من الملاحدة الذين ينكرون حقائق ما أخبر الله به عن نفسه، وعن اليوم الآخر، فينفون أسماء الله وصفاته، كما ينفون حقائق اليوم الآخر، وربما لبَّسوا فقالوا: «البعث روحاني»، وجعلوا ما يكون في الدار الآخرة من النعيم والعذاب من باب التخييل الذي لا حقيقة له.

وكثير من هؤلاء يجعلون الشرائع من هذا الباب، فيجعلون لما أمر الله به وما نهى عنه تأويلات باطنة تخالف ما يعرفه المسلمون


(١) انظر: «الإبانة عن أصول الديانة» ص ٨٦، و «مقالات الإسلاميين» ص ٤٧٢ - ٤٧٤، و «درء تعارض العقل» ٥/ ٣٤٨.
(٢) «مقالات الإسلاميين» ص ٤٧٤، و «الرد على من قال بفناء الجنة والنار» ص ٤٢، و «حادي الأرواح» ٢/ ٧٢٣، و «الكافية الشافية» ص ٢٣.

<<  <   >  >>